للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: إنه لا ينبغي لإنسان أن يغلق الباب؛ لأن الإنسان إذا أقرض إنسانًا، وأدرك أنه بحاجة حتى إذا لم يحصل على حقه أوْ ضاع، فالحقُّ لا يضيع عند الله سبحانه وتعالى.

* قوله: (لِأَنَّهُ عِنْدَهُ ذَرِيعَةٌ لِسَلَفٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ يَتَوَصَّلَانِ إِلَيْهِ بِمَا أَظْهَرَا مِنَ البَيْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ لَهُ حَقِيقَةٌ) (١).

هو ظاهرة البيع، لكن حقيقته في الواقع بيع العينة، باب من أبواب الربا، ولذلك وضع العلماء قاعدة عظيمة، فقالوا: "الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل"، من هنا ألحقوا هذه المسألة كما قلنا: الرطب تريد أن تشتريه بتمر، قلنا: الرطب كما جاء في الحديث عند تركه يجفُّ فينقصر (٢)، إذًا هنا التَّساوي غير معلوم، إذًا الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، فهل يجوز لَكَ أن تبيع ذهبًا بذَهَب مع التفاضل أو أن تبيع دراهم بدراهم مع التفاضل، أو بما يلحق بذلك الأموال التي فيها ربا؟ الجواب: لا، إذًا، أنت جهلت هذا الأمر، فينزل منزلة العلم بالتفاضل، هذه قاعدة فقهية معروفة، الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، فالأمر الذي تجهله ولا تتيقن حقيقته كحَبٍّ لسنبلٍ رطبٍ تبيعه بحَبٍّ جافٍّ أنت تجهل ذلك؛ لأن هذا الرطب إذا جف سيتغير حاله، وينقص في الكيل لا ينقص حجمه، وفي الميزان أيضًا لأنه يخف، إذًا هذا تغيُّر، وبالتَّالي فَهُو مجهول.

* قوله: (وَأَمَّا البُيُوعُ الَّتِي يُعَرِّفُونهَا بِبُيُوعِ الآجَالِ، فَهِيَ أَنْ يَبِيعَ


(١) قال الدردير في "الشرح الصغير" (٣/ ١٢٩): "فأهل العينة قوم نصبوا أنفسهم لطلب شراء السلع منهم، وليست عندهم، فيذهبون إلى التجار ليشتروها بثمن ليبيعوها للطالب".
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢/ ٧٦١)، عن سعد بن أبي وقاص قال: "إنِّي سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن اشتراء الرطب بالتمر، فقال: "أينقص الرطب إذا يبس؟ ". قالوا: نعم، فنهى عن ذلك". وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" (٦/ ٤٨٢)، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>