للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"تركتم الجهاد"، أي: إنكم انصرفتم عن أمور الآخرة، وأقبلتم على أمور الدنيا، فاجتهدتم فيها، وأمضيتم أوقاتكم الثمينة التي ينبغي أن يُسْتغل جانب منها في طاعة الله سبحانه وتعالى.

* قوله: (أَعْنِي: الَّذِي يُدَايِنُ النَّاسَ)، مسألة أخرى اسمها التورُّق فيها خلافٌ، أكثر العلماء يمنعها، والبعض يجيزها، ولا يظهر دليل صريح على تحريمها، وهو أن يحتاج الإنسان إلى نقود وليس معه شيء، فيذهب إلى صاحب معرض ويشتري سيارة، ثم بعد ذلك يبيع هذه السيارة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه بثمن أقل، هل هذا جائز هنا؟

هذه المسألة فيها خلاف، فبعض العلماء يجيزها؛ لأنهم يقولون: فيها رفق؛ لأن الإنسان مضطر إلى هذا المبلغ، فلا يجد مَنْ يقرضه، ولذلك جاء في أثر عليٍّ - رضي الله عنه - وفي بعض الطرق رفع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ، يَعَضُّ المُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ" (١)، أي: يمسك المال.

وقد يوجد سبب لكثير من الإخوة، فيوجد عدد من الإخوة الصالحين الذين يعلمون في القرض الحسن من الخير، وما يَتَرتب عليه من الثواب، لكن المصيبة في هذا الزمان أن كثيرًا من الناس سلكوا طريق الاحتيال، فربما تقرض إنسانًا مبلغًا من المال فتطالبه أيامًا وشهورًا وسنين، وقد يضيع حقك، وممكن أن تسلك بعض الطرق التي يسلكها كثير من الناس، ولا يخلو زمان من الأزمنة من أهل الخير والصلاح، ومن الذين يحبون فعل الخير، لكن فعل بعض الأشرار أصحاب هذه المسالك جعل الصالح يخاف، يقول: أنا أخشى أن أدين، فأكون أنا صاحب الحق السيئ، ولكن


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (١١٠٧٦)، وقال الأَلْبَانيُّ: ضعيفٌ جدًّا .. انظر: "السلسلة الضعيفة" (٢٠٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>