للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقف شبهة، وموضوع يشق فيه، والرَّسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ".

(فَزَوَّرَ لِذَلِكَ هَذِهِ الصُّورَةَ لِيتَوصَّلَا بِهَا إِلَى الحَرَامِ).

انظر إلى عبارة المؤلف: [فزور لذلك هذه الصورة]، أي: تزيف كأنه احتيل في هذه الصورة لتكون طريقًا إلى الحرام، "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ الرِّبَا بِالبَيْعِ" (١)، أي: باسم البيع كما في العينة تمامًا، فظاهره البيع لكنه وسيلة للربا.

(مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَائِل لِآخَرَ: أَسْلِفْنِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إِلَى شَهْرٍ، وَأَرُدُّ إِلَيْكَ عِشْرِينَ دِينَارًا)، هذا لا يَجُوزُ؛ لأن هذا هو عين الربا، فهذا واضح تمامًا لا لبس فيه، ولا غموض.

(فَيَقُولُ: هَذَا لَا يَجُوز، وَلَكِنْ أَبِيعُ مِنْكَ هَذَا الحِمَارَ بِعِشْرِينَ إِلَى شَهْرٍ، ثُمَّ أَشْتَرِيهُ مِنْكَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا)، هذه هي العينة؛ أيْ: يبيعه هذا الحمار أو يبيعه سيارةً بمبلغٍ مُعيَّنٍ، ثم بعد ذلك يشتريها بأقل، فهنا حصل تحايلٌ على ذلك العمل، فهذا مبرر اتخذ ليتوصل به إلى هذه الغاية.

(وَأَمَّا فِي الوُجُوهِ البَاقِيَةِ فَلَيْسَ يُتَّهَمُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَعْطَى أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الأَجَلِ لَمْ يُتَّهَمْ، وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الأَجَلِ)، حرَّم الله الربا؛ يقول الله عَزَّ وجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]؛ فالله أحل البيع لما فيه من الإرفاق


(١) أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (١/ ٢١٨) عن الأوزاعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. قَالَ ابن القيِّم في "إغاثة اللهفان" (١/ ٣٥٢): "وهذا وَإنْ كان مرسلًا، فإنه صالح للاعتضاد به بالاتفاق، وله من المسندات ما يشهد له".

<<  <  ج: ص:  >  >>