للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالناس، فكل من البائع والمشتري يستفيد من ذلك، إذ المصلحة متبادلة بينهما، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البَائِعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكتَمَا مُحِقَتْ بَرَكةُ بَيْعِهِمَا" (١).

(وَمِنَ الحُجَّةِ لِمَنْ رَأَى هَذَا الرَّأْيَ حَدِيثُ أَبِي العَالِيَةِ)، العَالية هي زَوْجة أبي إسحاق السبيعي؛ العالية بنت أيفع بن شراحيل، هذه امرأة ذكرها ابن سعد في "طبقاته" (٢)، وأحسن في وصفها؛ وصفها بأنها عالية القدر، وأنها معروفة، وليست امرأة مجهولة، وهي تحكي ذلك عن عائشة، وليس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

(عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّهَا سَمِعَتْهَا وَقَدْ قَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إِنِّي بِعْتُ مِنْ زَيْدٍ عَبْدًا إِلَى العَطَاءِ بِثَمَانِمَائَةٍ)، يعني: باعته عبدًا إلى أن يأتي وقت العطاء الذي كان يصرف لهم.

(فَاحْتَاجَ إِلَى ثَمَنِهِ، فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ بِسِتِّمِائَةٍ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِئْسَمَا شَرَيْتِ، وَبِئْسَمَا اشْتَرَيْتِ، أَبْلِغِي زيدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنْ لَمْ يَتُبْ، قَالَتْ: أَرَأَيْتِ إِنْ تَرَكْتُ وَأَخَذْتُ السِّتَّمِائَةِ دِينَارٍ؟ قَالَتْ: فَهُوَ، {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: ٢٧٥] " (٣)) الربا أشد خطرًا وضررًا؛، لأنه يفتك بالمجتمعات، ويكون سببًا أيضًا في مَحْق الأموال؛ لأن الله يمحق


(١) أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢).
(٢) يُنظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (٨/ ٤٨٧).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٨/ ١٨٤). قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٦/ ٢٧٢): "وهو خبر لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولا هو مما يحتج به عندهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>