للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربا، ويُرْبي الصَّدقات، قالت: لو تركتُ له الزيادة أكون هكذا قد رفع عني هذا الأمر الذي وقع، قالت: نعم؛ لأن التوبةَ - كَمَا هو معلوم - تَجُبُّ ما قبلها.

(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: لَا يَثْبُتُ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ زَيْدًا قَدْ خَالَفَهَا، وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَة، فَمَذْهَبُنَا القِيَاسُ (١)، وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ (٢). وَأَمَّا إِذَا حَدَثَ بِالمَبِيعِ نَقْصٌ عِنْدَ المُشْتَرِي الأَوَّلِ، فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ وَجَمَاعَةً مِنَ الكُوفِيِّينَ (٣)) هذه صورة أخرى، فإذا باع إنسان لآخر سلعةً إلى أجل، فلا يجوز أن يشتريها بثمن أقل على أن ينقده ذلك، لكن قد يحدث في هذه السلعة نقص أو عيب، فإذًا الصورة تغيرت، فقد منع من الصورة الأولى؛ لوجود علة الربا فيه، وهكذا يتبين لنا أن الشريعة الإسلامية تمنع ما فيه الضرر.

(أَجَازُوا لِبَائِعِهِ بِالنَّظِرَةِ)، أيْ: بالانتظار.


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٥/ ٢٨٨) حيث قال: "أما الجواب عن استدلالهم بحديث عائشة - رضي الله عنها - فمن وجوهٍ:
أحدها: ضعف إسناده، ووهاء طريقه.
والجواب الثاني: أن عائشة - رضي الله عنها - إنما أبطلت البيع إلى العطاء؛ لأنه أجل مجهول، والآجال المجهولة يبطل بها البيع.
والجواب الثالث: أنه لو سلم أن إنكار عائشة - رضي الله عنها - توجه إلى البيع الثاني دون الأول لما كان فيه دليل لأن زيدًا خالفها، وإذا اختلف الصحابيان وكان القياس مع أحدهما، كان قول من عاضده القياس أولى والقياس مع زيد دون عائشة - رضي الله عنها -".
(٢) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (٨١٦٧) عن ابن عمر أن رجلًا باع من رجل سرجًا، فلم ينتقد ثمنه، فأراد صاحب السرج الذي اشتراه أن يبيعه، فأراد الذي باعه أن يأخذه بدون ما باعه به منه، فسئل عن ذلك ابن عمر فلم ير به بأسًا. وقال ابن عمر: فلعله لو باعه من غيره باعه بذلك الثمن أو أنقص.
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٢٧٣) حيث قال: "وكان الثوري وجماعة الكوفيين يجيزون لبائع الدابة بنظرة أن يشتريها بالنقد إذا عجفت وتغيرت عن حالها".

<<  <  ج: ص:  >  >>