للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَنْ يَشْتَرِيَهُ نَقْدًا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ (١). وَالصُّوَرُ الَّتِي يَعْتَبِرُهَا مَالِكٌ فِي الذَّرَائِعِ فِي هَذِهِ البُيُوعِ هِيَ أَنْ يَتَذَرَّعَ مِنْهَا)، هذه أصولٌ من أصول الربا، ولكن يريد أن يجعله ذريعةً ليصل إلى هذه الأمور؛ ليزينه ويلونه للمتبايعين على أساس أنه بيع وليس بربا.

(إِلَى: أَنْظِرْنِي أَزِدْكَ)، هذا هو ربا الجاهلية: أتقضي أم تربي؟ كانوا في الجاهلية يقرضون كذلك، يأتي المحتاج إلى الغني، فيقترض منه مالًا، وما أسعد صاحب هذا المال أن يأتي له المقترض عند حلول الأجل وهو عاجز عن السداد! لأنه لا رحمة بينهم، كان في قلوبهم غلظة، وهذا المسكين قد تَجمَّعت الديون على كاهله، فيقول: بل أربي، فيزيده مع مد الأجل.

(أَوْ إِلَى بَيْعِ مَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا)، هذا ربا الفضل الذي أشار إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: "الذَّهَبُ بِالذَّهَب، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ … إلخ"، وقال في آخره: "يَدًا بِيَدٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ" (٢)، فلا يجوز أن تبيع أحدهما بالآخر مع الزيادة، ولا ما يلحق أيضًا بالربويات؛ لوجود علةٍ تجمع بينهما كما ذكرنا ذلك.

(أَوْ بَيْعِ مَا لَا يَجُوزُ نَسَاءً)، أيْ: ربا النسيئة؛ فالبيع إلى آجلٍ أيضًا لا يجوز، وهو المعروف في الجاهلية، وهو الذي جاء تحريمه تحريمًا قطعيًّا دون خلافٍ فيه البتَّة.


(١) نقلهما ابن عبد البر في "الاستذكار" (٦/ ٢٧٣) قال: "ولابن القاسم عن مالك أن ذلك جائز إذا حَدَث بالسلعة عيب مفسد مثل العور والعرج والقطع ونحو ذلك. وفي "العتبية" لأشهب عن مالك أن ذلك لا يجوز، وَهَذا مما لا يؤمن الناس على مثله".
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>