للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في غير الطعام وأحمد (١).

إذًا، المؤلف وَهِمَ في نسبته إلى الشافعي، ولذلك قلت: وأحمد، على أساس أنه في غير الطعام، أما بالنسبة للطعام فالإمام الشافعي لم يخالف في ذلك، ونص مذهبه واضح في هذه المسألة، ولا أعتقد أن الإمام الشافعي يخالف نصوص أحاديث متفق عليها في هذا الموضوع، إنما الذي نسب إليه ذلك إنما هو عثمان البتي، والبتي (٢) معروف بمخالفاته، ومع ذلك التمس له العلماء عذرًا، وقالوا: لعل الأحاديث لم تبلغه في ذلك (٣).

إذًا، هذه المسألة لم يخالف فيها الأئمة الأربعة، وهي مسألة بيع الطعام قبل قبضه، فإنهم اتفقوا عليها (٤)، لكن الخلاف فيما عدا الطعام، هل يجوز أن يقبض قبل ذلك أو لا؟ فأجازه الإمام الشافعي وأحمد وأكثر الفقهاء، ومنعه مالكٌ.


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٥٨) حيث قال: "فإن بيع مكيل ونحوه جزافًا كصبرة معينة وثوب، جاز تصرف فيه قبل قبضه".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٤٤٠) حيث قال: "وقال عثمان البتي: لا بأس أن يبيع كل شيء قبل أن يقبضه وَإنْ كان ما يكال أو يوزن".
(٣) كابن عبد البر في "التمهيد" (١٣/ ٣٣٤) قال: "قال عثمان البتي: لا بأس أن تبيع كل شيء قبل أن تقبضه … وهذا قول مردود بالسنة والحجة المجمعة على الطعام، وأظنه لم يبلغه الحديث، ومثل هذا لا يلتفت إليه".
(٤) حكى الإجماع ابن عبد البر في "التمهيد" (١٣/ ٣٣٤) قال: "قال عثمان البتي: لا بأس أن تبيع كل شيء قبل أن تقبضه؛ كان مكيلًا أو مأكولًا، أو غير ذلك من جميع الأشياء، وهذا قول مردود بالسنة والحجة المجمعة على الطعام، وأظنه لم يبلغه الحديث، ومثل هذا لا يلتفت إليه".
ونقله النووي أيضًا في "شرح مسلم" (١٠/ ١٧٠) قال: "أما مذهب عثمان البتي، فَحَكاه المازري والقاضي، ولم يحكه الأكثرون، بل نقلوا الإجماع على بطلان بيع الطعام المبيع قبل قبضه قالوا: وإنما الخلاف فيما سواه، فهو شاذ متروك، والله أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>