للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتراه حتى يَقبِضَه؛ لأن الضمان عنده على البائع، لا على المُشْتري (١)، فهو الذي يتحمَّل التلف في المبيع، فكيف للمشتري أن يبيع شيئًا ويتربح به وهو لا يضمنه، فليس له أن يبيعه حتى ينقله ويكون بحوزته.

* قوله: (وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ؟ فَقَالَ: "يَابْنَ أَخِي، إِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ". قَالَ أَبُو عُمَرَ: حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كثِيرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ: … وَيُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ لَا أَعْرِفُ لَهُمَا جُرْحَةً، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمَا إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ فَقَطْ).

هذا كلامٌ غريبٌ من الإمام الجليل الحافظ الكبير ابن عبد البر رَحِمَهُ اللهُ في يُوسُف بن ماهك؛ لأن الرجل من رواة "الصحيحين"، وروى عنه ما لا يقل عن خمسةَ عشرَ من أكابر العلماء، منهم التابعي الجليل عطاء بن أبي رباحٍ وغيره، وعبد الله بن عصمة روى عنه ما لا يقلُّ عن ثلاثةٍ (٢).

* قوله: (وَذَلِكَ فِي الحَقِيقَةِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ، وَإِنْ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ المُحَدِّثِينَ. وَمِنْ طَرِيقِ المَعْنَى أَنَّ بَيْعَ مَا لَمْ يُقْبَضْ يُتَطَرَّقُ مِنْهُ إِلَى الرِّبَا).

هذا كله تقدم ذِكْرُه، وأورده المؤلف، وذكر أقوال أهل العلم فيه، وبَيَّن اختلافهم، وذكر بعض الأدلة، وقد أضفنا إليها أدلةً أخرى.


(١) "نهاية المطلب" (٥/ ١٧٢) للجويني؛ قال: "فالمبيع قبل التسليم إلى المشتري من ضمان البائع، والمعنيُّ به أنه لو تلف، انقلب إلى ملكهِ قبل التلف، ولذلك ينفسخ العقد".
(٢) "الاستذكار" (٦/ ٣٧٥)، والحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (١٥٣١٦) وغيره، وصَحَّحه الأرناؤوط لغيره في تحقيق "المسند".

<<  <  ج: ص:  >  >>