للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالغبن كل ما فيه نقص للبائع أو المشتري، كأن يتبايع اثنان، ويغبن أحدهما الآخر، ولا يشترط أن يكون الغبن في جانب البائع فقط، بل يكون أيضًا من المشتري، لذا يحتاج البيع إلى المُكَايسة، أي (١): الفهم والدِّقَّة والمعرفة بشؤونه، فكأن الذي يغبن شخصًا قد تغلَّب عليه في البيع، وفي الوقت ذاته قد نقصه من حقه، وهو منهيّ عنه، لأن فيه ضررًا.

و"المكايسة": هي الصادرة من الفطِن اللبيب، فالبائع لا يخلو من أن يكون فطنًا لبيبًا يعرف المكايسة والممارسة والأخذ والعطاء، وإما أن يكون غير ذلك.

* قوله: (وَالقِسْمُ الثَّانِي: لَا يَخْتَصُّ بِقَصْدِ المُغَابَنَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَى جِهَةِ الرّفْقِ وَهُوَ القَرْضُ).

فالقرض الحسن - على الحقيقة - كله رفق، وليس فيه مغابنة على الإطلاق، لأن من يقرض محتاجًا بنية أن يوسع عليه عمله ومعيشته بما أرشد الله سبحانه وتعالى إليه، وبما وجَّه إليه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا شك أن الله سيثيبه على ذلك، فالله لا يضيع أجرَ مَنْ أحسن عملًا، قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥].

وقد دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى التَّخفيف على المسلمين وإعانتهم، فقال: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ" (٢).

ولا يشترط القبض في القرض الحسن.

* قوله: (وَالقِسْمُ الثَّالِثُ: فَهُوَ مَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، أَعْنِي: عَلَى قَصْدِ المُغَابَنَةِ، وَعَلَى قَصْدِ الرِّفْقِ؛ كَالشَّرِكَةِ، وَالإِقَالَةِ، وَالتَّوْلِيَةِ).


(١) "الكيس": العقل والفطنة والفقه. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (١٦/ ٤٦١).
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٩٩/ ٣٨) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>