للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأخذ بهذا الرأي، بل إن ابن جرير الطبري ذكر الإجماع على هذا: أن المرأة لا تعتبر طاهرةً إلا إذا غسلت فرجها (١)، فمرادُهُ أن يقولَ: العلماءُ مجمعونَ على أنه لا يجوز وطء المرأة بعد انقطاع الدم ما لم تغسل الفرج، ثم بعد ذلك يأتي الخلاف بينهم، فيريد أن يُدخل الحنفية مع الجمهور؛ لأن الحنفية يُجِيزُونَ وَطْأَها بعد أن تغسل فرجها لا أن تغتسل.

وقضية الإجماع: أمرها نسبي، فَمِنَ العلماء مَنْ يُعْنى بقضية الإجماع، ويَنْدر أن يحصل خللٌ في نقله الإجماع، وبعضهم قَدْ يحصل منه، لَكن مُرَادي هنا أنَّ ابن جريرٍ ذكر في هذه المسألة أن الإجماع قائمٌ على أنه لا يجوز وطء الحائض إذا انقطع دمها قبل أن تغسل فرجها.

ثم يختلفون، فالجمهور قالوا: لا يجوز إلا بعد أن تغتسل الغسل المعروف، والحنفية قالوا: إن كان انقطاع الدم لأكثر الحيض جاز وطؤها، وإلا فلا، فكأن ابن جرير يريد أن يقول: إن الحنفية يُضِيفُونَ إلَى ذلك اشتراط غسل الفرج.

أدلة الحنفية على ما ذَهَبوا إليه:

هُوَ قول اللّه -سبحانه وتعالى-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}، قالوا: قَد انْقطَع الدم عن المرأة الحائض، وما مُنِعَ الرجل من أن يطأ زوجته إلا لعلة وجود الأذى، والأذى قد انقطع، وقَاسُوا هذا على الصيام، وعلى الطلاق، فَالحَائضُ إذا انقطع حيضها تصوم، وإذا انقطع حيضها يجوز تطليقها أيضًا.


(١) الذي رجحه ابن جرير خلاف ما قاله الشارح:
قال الطبري في "التفسير" (٤/ ٣٨٧): "وفي إجماع الجميع من الحجة على أنه غير جائز لزوجها غشيانها بانقطاع دم حيضها، إذا لم يكن هنالك نجاسةٌ دون التطهر بالماء إذا كانت واجدته، أدل الدليل على أن معناه: فإذا تطهرن الطهر الذي يجزيهن به الصلاة، وفي إجماع الجميع من الأمة على أن الصَّلاة لا تحلُّ لها إلا بالاغتسال، أوضح الدلالة على صحة ما قلنا من أن غشيانها حرام إلا بعد الاغتسال".

<<  <  ج: ص:  >  >>