للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحنابلة (١)، قالوا: لا يجوز للرجل أن يجامع زوجته إذا طهرت -يعني: إذا انقطع دمها- حتى تغتسلَ.

القِسْمُ الثَّانِي: وهُمُ الحنفيَّة، وقد فَصَّلوا القولَ في ذَلكَ على النحو التالي:

الحالة الأولى: إنْ طَهرت المرأة الحائض لأكْثَر أيام الحيض (وهي عشرة أيام)، فلزَوْجها أن يطأهَا.

الحالة الثانية: وَإِنْ كان دون ذلك -أقل أيام الحيض- فليس له ذلك.

وسيأتى -إن شاء اللّه- مناقشة الجمهور لهؤلاء، فلمَاذا فرَّقوا بين أقل الحيض وأكثره؟ هم يتلمسون أن أقل الحيض عُرضةً لأَنْ يعود إليها الحيض مرةً أُخرى، لَكن عَوْد الحيض لا يمنع أن يَاتِيَ بعد الاغتسال! فالحَيْضُ محتمل في كل حالةٍ، وإنْ كان في الحالة الثانية أقل منها في الأُولى.

قَالَ المُصنِّف رحمه اللّه تعالى: (وَذَهَبَ الأَوْزَاعِيُّ (٢) إِلَى أَنَّهَا إِنْ غَسَلَتْ فَرَجْهَا بِالمَاَءِ، جَازَ وَطْؤُهَا، أَعْنِي: كُلَّ حَائِضٍ طَهُرَتْ مَتَى طَهُرَتْ، وَبِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ ابْنُ حَزْمٍ) (٣).

هَذَا هو القوله الثالث -غير الأقوال المشهورة السابقة أيضًا- في هذه المسألة، وهذا القول ليس للأوزاعي وحده؛ بل وُجِدَ من العلماء مَنْ


(١) تقدم ذكر مذاهبهم في هذه المسألة.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٣٩١) حيث قال: "وأما وطء زوجها أو سيدها لها إذا رأت الطهر، فلا يحل إلا بأن تغسل جميع رأسها وجسدها بالماء، أو بأن تتيمم إن كانت من أهل التيمم، فإن لم تفعل، فبأن تتوضأ وضوء الصلاة، أو تتيمم إن كانت من أهل التيمم، فإن لم تفعل، فبأن تغسل فَرْجَها بالماء ولا بد، أي: هذه الوجوه الأربعة فعلت، حلَّ له وطؤها".

<<  <  ج: ص:  >  >>