للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبعض الآخر لم ينطق بها النص، لكنها قريبة منه، فهي لا تبعد، ولا تتفرع كثيرًا عنه، وهي التي عبر عنها ابن رشد رَحِمَهُ اللهُ بما هو قريب من النص، وهذا الذي يعرف عند علماء الحديث بـ "فقه الحديث".

* قوله: (وَهِيَ البُيُوعُ المَنْهِيُّ عَنْهَا).

لا شكَّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن الحلال والحرام في البيوع، وقال - صلى الله عليه وسلم - في ذلك: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا، بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا" (١).

فَالبائعُ مستفيدٌ بما أخذ من عِوَضٍ، والمبتاع (أي: المشتري) مستفيد أيضًا بتلك السلعة التي أخذها عن صدقٍ وتعاونٍ، والمسلمون مطالبون في كل أمرٍ من أمورهم أن يتعاونوا على البر والتقوى، وألَّا يتعاونوا على الإثم والعدوان، ولا شك أن من التعاون على البر والتقوى أن يكون الصدق شائعًا بين الناس، فبالصدق يبارك الله سبحانه وتعالى للبائع والمشتري، ويبعثهم مع الصديقين يوم القيامة.

* قوله: (مِنْ قِبَلِ الغَبْنِ الَّذِي سَبَبُهُ الغَرَرُ).

قد مرَّ تفصيل التعريف في الغَبْن؛ وهو كل ما فيه نقص للبائع أو المشتري، كأن يتبايع اثنان، ويغبن أحدهما الآخر، ولا يشترط أن يكون الغبن في جانب البائع فقط، بل يكون أيضًا من المشتري؛ لذا يحتاج البيع إلى المُكَياسة، أي: الفهم والدقة والمعرفة بشؤونه.

وقَدْ جاء النهى عن الغرر في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وبيع الغرر إنما هو بسبب الجَهَالة، فهي التي تؤدي إلى الوقوع في الغرر، وربما تؤدي أيضًا إلى الوقوع في الربا.


(١) أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢/ ٤٧) عن حكيم بن حزام.
(٢) أخرجه مسلم (١٥١٣/ ٤)، عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>