للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وننبه هنا على عادة المؤلف -رَحِمَه اللهُ- في كتابه هذا "بداية المجتهد"، فَكَثيرًا ما يَقُول: الطُّهر، وهُوَ يَعْني به الغسل أو الاغتسال، لكنَّه بالنسبة للوضوء يُسمِّيه وضوءًا.

قَالَ المُصنِّف رحمه اللّه تعالى: (ثُمَّ إِنْ كَانَ الطُّهْرَ بِالمَاءِ، فَهَلِ المُرَادُ بِهِ طُهْرُ جَمِيعِ الجَسَدِ؟ أَمْ طُهْرُ الفَرْجِ؟) (١).

مراده بقوله: "فَهَلِ المُرَادُ بِهِ طُهْرُ جَمِيِعِ الجَسَدِ؟ "، يَقْصد تعميم جميع الجسد، وهو الغسلُ المعروفُ، وهَذا هو مذهب الجمهور كمَا سبق.

مراده بقَوْله: "أَمْ طُهْرُ الفَرْجِ؟ "، يَقْصد غسل محل الأذى -وهو الفرج- وهَذَا هو قول الأوزاعي ومَنْ معه.

قال المصنف رحمه اللّه تعالى: (فَإِنَّ الطُّهْرَ فِي كَلَامِ العَرَبِ وَعُرْفِ الشَّرْعِ: اسْمٌ مُشْتَرَك يُقَالُ عَلَى هَذه الثَّلاثَةِ المَعَانِي) (٢).

ما يُطْلق عليه الطُّهْر: لَا شَكَّ أنَّ هذِهِ الثَّلَاثَة المَعَانِي يطلق عليها الطهْر:

المَعْنى الأوَّل: يطلق على الاغتسال؛ لأنه طهر.

المعنى الثاني: يطلق على غسل الموضع أنه طهر.

دَليل الجُمْهور:

رَجَّحوا مَذْهبهم بأنَّ صيغةَ التَّفعُّل إنما تنطلق على ما يَكُونُ من فعل المُكلَّفين، لا على ما يكون من فعل غيرهم.


(١) تقدم أقوال كل فريقٍ، وهو الآن يناقش الأقوال بأدلتها.
(٢) قال أبو العباس: "والقراءة: {يَطْهُرْنَ}؛ لأنَّ مَنْ قرأ: {يَطْهُرْنَ} أراد انقطاع الدم، فإذا تطهرن: اغتسلن، فصير معناهما مختلفًا، والوجه أن تكون الكلمتان بمعنى وَاحِدٍ، يريد بهما جميعًا الغسل، ولا يحلُّ المسيس إلا بالاغتسال. يُنظر: "لسان العرب " لا بن منظور (٤/ ٥٠٤، ٥٠٥)، و"تاج العروس" للزبيدي (١٢/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>