للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ" (١).

وفي بعض الروايات: "فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَا لأخِيهِ بغَيرِ حَقٍّ" (٢).

وعلة منع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك خشية أن تصيب هذه الثمرةَ الجارحة، فتذهب على المشتري، فيتضرر بذلك (٣)، وديننا الحنيف إنما جاء ليرفعَ الضَّرر عن الجميع، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، ومَنْ ضَارَّ ضَرَّهُ اللهُ" (٤).

إذًا، هذا نوعٌ من الضَّرر الذي يلحق المشتري، والشارع الحكيم وَضَع مانعًا من الوقوع في ذلك حتى لا يتضرر المسلم بذلك، فالصحيح أن الثمرة تَبْقى عند صاحب الأصل إلى أن تنضج، فإن ذهبت عليه، أَوْ ذَهب بعضها قبل ذلك، فهو الذي يتحملها، أما أن تُبَاع فيقع في ذلك المشتري، فهذا حملٌ ثقيلٌ على النفس تتألم به وتتأثر، ولذلك أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصون المشتري، وأن يحفظه، وأن يحافظ على حقه من أن يحصل له شيء من ذلك، ولذلك سيأتي أن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بشرط القطع - جائزٌ.

* قوله: ("وَالعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ" (٥) ".

وقَدْ مرَّ أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَالعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ"، ضربٌ للمثل؛ لأن


(١) أخرجه البخاري (٢١٩٨) عن أنس بن مالك.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) قال البغوي في "شرح السُّنَّة" (٨/ ٩٦): "لأنها لا يؤمن من هلاكها بورود العاهة عليها لصغرها وضعفها، وإذا تلفت لا يبقى للمشتري بمقابلة ما دفع من الثمن شيء".
(٤) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٤/ ٥١)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٦٦)، وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم. وأخرج أوله فقط ابن ماجه" (٢٣٤٠)، عن عبادة، و (٢٣٤١) عن ابن عباس، وصحَّحه الألْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (٨٩٦) بمجموع طرقه.
(٥) أخرجه أبو داود (٣٣٧١)، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>