ذكر المؤلف الأدلة؛ فاستدل بقول الله -سبحانه وتعالى - في سورة المائدة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[المائدة: ٦]، فنجد أن هذه الآية ذكرت أنواع الطهارة الثلاثة: الوضوء والغسل، وذكرت البدل منهما:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، وهو التراب الطيب.
وهَذِهِ الآيةُ ذَكرَتْ جملةً من فَرَائض الوُضُوء في أوَّلها، وَجَاءت بصِيغَةِ الأَمْر، والأَمْرُ يَقْتضي الوجوبَ.
والمُؤلِّفُ لم يُبيِّن هنا وجه الدلالة منها، ووجه الدلالة مهمٌّ، وإنما يعتني بذكر سبب الخلاف.
ووجه الدلالة منها: أن هذه الآية أمرت بالوضوء {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، وأمرَتْ بذَلكَ أمرًا جازمًا، ولا يُوجَد ما يَصْرف عن ذَلكَ؛ هذه الآية تدلُّ على وُجُوب الوضوء.
وهناك مسألةٌ مهمةٌ تكلَّم عنها العلماء، ولم يتكلَّم عنها المؤلف؛ هي: هَلْ هذِهِ الآية تبقى على ظاهرها؟
فقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}: الظاهر منها أن الإنسانَ إذا أرَاد القيام إلى الصلاة، فَعَليه أن يتوضَّأ في أيِّ حَالٍ من الأحوال، يَعْني: يجب عليه أن يتطهَّر؛ سواء كان متطهرًا أوْ غير مُتَطهرٍ، فهَلْ هَذَا هو المراد فى الآية، أو أن هناك مقدرًا محذوفًا، أو أن هناك أمرًا آخر؟ هذه أمورٌ ثلاثةٌ لم يُنبِّه عليها المؤلف.