للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْض العلماء قالوا: إن الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}، ليست على إطلاقها، بَلْ هناك مقدرٌ محذوفٌ هو: "مُحْدثين"؛ (إذا قُمْتم إلى الصَّلاة مُحْدثين)، هَذَا هو القولُ الأولُ، وهَذَا قول أكثر العلماء (١).

ومن العلماء مَنْ قال: إنَّ الآيةَ باقيةٌ على عُمُومها، ولا نَحْتَاج إلى تَقْديرٍ فيها، أَيْ: لا نحتاج إلى تقديرٍ محذوفٍ، لأنَّ هذه زيادة، ولكن نُبْقيها على أصلها، وَينْبغي أن نفرِّق بين القائم يقوم محدثًا، وبين القائم يقوم متطهرًا، فالأولُ المُحْدثُ يجب علَيه أن يتطهَّر، والثَّانِي: لا يجب عليه، وإنَّما يُشْرع له أو يُنْدب؛ لأنه يستحبُّ للإنسان أن يجدِّد الوضوء، ولا يلزمه (٢).

هناك قول ثالث: إن الوضوء عند القيام والصلاة كان واجبًا" أي: كانت الطهارة عند القيام إلى الصلاة واجبة، ولكن ذلك نُسِخَ (٣)، ثم يستدلُّون على ذلك بعدة أدلة، منها قولهم: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ لكل صلاةٍ، فلمَّا شقَّ علَيه الأمر، وُضِعَ عنه (٤)، أَيْ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ


(١) يُنظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ٧)؛ حيث قال: "يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة، وأنتم على غير طهر الصلاة، فاغسلوا وجوهكم بالماء، وأيديكم إلى المرافق … سئل عكرمة عن قول الله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، فكلَّ ساعةٍ يتوضأ؟ فقال: قال ابن عباس: لا وضوء إلا من حَدَثٍ".
(٢) يُنظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ١٢)؛ حيث قال: "وقال آخَرون: بل ذلك معنيٌّ به كل حال قيام المرء إلى صلاته، أن يجدِّد لها طُهرًا … عكرمة يقول: كان عليّ - رضي الله عنه - يتوضأ عند كل صلاةٍ، ويقرأ هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ … (٦)} ".
(٣) يُنظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ١٤)؛ حيث قال: "وقال آخرون: بل كان هذا أمرًا من الله - عز ذكرُهُ - نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين به أن يَتَوضَّؤوا لكل صلاةٍ، ثم نُسِخَ ذلك بالتخفيف".
(٤) أخرج أحمد (٢١٩٦٠)، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، قال: قلت له: أرأيت وضوء عبد الله بن عمر لكل صلاةٍ؛ طاهرًا كان أو غير طاهرٍ، عمَّ هو؟ فقال: حدثته أسماء بنت زيد بن الخطاب، أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الغسيل، حدثها: =

<<  <  ج: ص:  >  >>