للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل صَلَاةٍ؛ محدثًا أو غير محدثٍ، فلمَّا شقَّ عليه ذلك، وُضِعَ عنه الوضوء، أعني: خُفِّف عنه الوضوء إلا من حَدَثٍ.

وكَذَلك يستدلُّون بحديث بُرَيدة الذي أخرجه مسلمٌ في: "صحيحه"، وهو حديثٌ معروفٌ مشهورٌ: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضَّأ لكلِّ صلاةٍ، فلمَّا كان يوم الفتح (يعني: يَوْم فتح مكة)، توضأ وضوءًا واحدًا، فاستغرب عمر - رضي الله عنه -، فقال: يا رسول الله، إنك فعلتَ شيئًا لم تكن تفعله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ" (١)؛ أَيْ: لبَيَان الجَوَاز (٢).

فقالوا: إنَّ الأمر كان واجبًا (يعني: كان الوضوء واجبًا) عند القيام إلى الصلاة، ثم نُسِخَ ذلك الحكم.

نَقُولُ: الآيةُ تَدلُّ على أنه يتوضَّأ المسلم عندما يريد القيام إلى الصَّلاة، وقَدْ دلَّت أدلةٌ أُخرى على أنَّ هذا الوجوبَ إنما ينصرف على المحدث، "أما غير المحدث، فلا يَلْزمه.

إذًا، هَذَا هو الدليل الأول، وهو الدليل من الكتاب.

• قوله: (وَإمَّا السُّنَّةُ، فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ" (٣)).

وبعضهم يرويه: "بِغَيْرِ طُهُورٍ"، بِضَمِّ الطاء.

هَذَا الحديثُ بيَّن أنه لا بدَّ من الوضوء للصلاة، بل التطهُّر لها


= "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أمَرَ بالوضوء لكل صلاةٍ؛ طاهرًا كان أو غير طاهرٍ، فلما شق ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أمرَ بالسواك عند كل صلاةٍ، ووضع عنه الوضوء إلا من حدث"، وحسَّن إسنادَه الأرناؤوط.
(١) أخرجه مسلم (٢٧٧).
(٢) يُنظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (٢/ ٩٧)؛ حيث قال: "وقوله: (عمدًا فعلتُه يا عُمَر)، أي: قصدًا؛ ليبين للناس الإباحة والرخصة في ذلك؛ لئلَّا يقتدوا بفعله، ويظنوا ذلك فرضًا".
(٣) أخرجه مسلم (٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>