كان يعدُّ الإمام أحمد من الفقهاء، وبهذا يردُّ على مَنْ يقولون: إن ابن رشد عندما يترك ذكر الإمام أحمد لا يعده من الفقهاء.
هذا، وقد نبهنا على هذه المسألة كثيرًا في أوائل الكتاب، وبيَّنَّا أن ابن رشد إنما يعول في نقل المذاهب على كتاب "الاستذكار" لابن عبد البر، فإن ذُكِرَ أحمد ذكره، وإلا فلا.
ومذهب الإمام أحمد لم يكن مشتهرًا في بلاد الأندلس، والمؤلف من تلك البلاد، فهو غير مُلمٍّ بمذهب الإمام كثيرًا، ولذلك قال:"فقهاء الأمصار"، فذكر من بينهم الإمام أحمد.
ومَنْ يدَّعي أن الإمام أحمد لم يذكره الإمامُ الطبري في كتابه:"اختلاف الفقهاء"، أو الإمام ابن عبد البر، فهو كلام مردود، لأن عدم ذِكْرِهِ ليس دليلًا على أنهم لا يعدونه فقيهًا، وإنما الصحيح أن مَنْ لم يذكره في كتابه في جملة الفقهاء:
* إما لأن مسائله لم تشتهر عندهم.
* أو لأن الإمام أحمد عُرف أكثر من غيره من الأئمة بالأحاديث، فغالبًا تأتي آراؤه مقترنةً بالأحاديث.
وَمَسائلُ الإمام أحمد مسائلُ كثيرةٌ دُوِّنت في كتب عديدة، وظهر منها جملة، ومَنْ يريد أن يتعمق في مذهب الإمام أحمد، فليرجع إلى أجلِّ وأنفع كتاب للفقهاء في هذا المذهب، ألا وهو كتاب "المغني" لابن قدامة الحنبلي رحمه الله تعالى.