للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمهم الله تعالى؛ فالإمام أبو حنيفة مثلًا بدأ أوَّلًا بالاشتغال بعلم الكلام (بالتوحيد)، وكان يتردد بين الكوفة والبصرة، وكان ينازل فرق المعتزلة، ويدافع عن الإسلام، وعن عقيدة التوحيد، وكان يتغلب عليهم قبل أن يتحوَّل إلى الفقه، أما الإمام مالك - رحمه الله - فقد اشتهر ببقائه بالمدينة (طيبة الطيبة).

• قَوْله: (فَحُجَّتُهُمْ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ مُطْلَقًا قَبْلَ أَنْ تُزْهِيَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الثَّابِتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا المُبْتَاعُ" (١)).

"قَدْ أُبِّرَتْ"، يعني: لُقِّحت، وتلقيح النخل، أي: أدخل فيها طلع الذَّكر لتُثْمِر، وهو التأبير المذكور (٢).

وفي النص دليل على أن هناك فرقًا بين بيع الثمر وحده، وبين بيع الثمر مع الأصل، فلو أن شخصًا باع ثمر نخل قبل بدو صلاحه مع النخل، فجائز، ودليله هذا الحديث (٣).


(١) أخرجه البخاري (٢٢٠٤) و (٢٢٠٦) و (٢٧١٦)، ومسلم (٥٤٣/ ٧٧).
(٢) "تأبيرها": تلقيحها، والإبار بكسر الهمزة: تلقيحها أيضا، وقد أبر من حد ضرب.
انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٥٤).
(٣) وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن الحنابلة:
مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ١٣٩)، قال: "جعل الثمرة للمشتري بالشرط من غير فصل بين ما إذا بدا صلاحها أو لا، دل أنها محل البيع، كيف ما كان … فيمكنه أن يبيع الأصل بما فيه من الثمر، وما يحدث منه بعد ذلك يكون ملك المشتري".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ١٧٦) قال: "وصح بيع ما ذكر قبله أي: قبل بدو صلاحه في ثلاث مسائل: وهي بيعه مع أصله … أو بيع أصله من نخل أو أرض، ثم بعد ذلك بقرب أو بعد ألحق الزرع أو الثمر به … أو بيع ما ذكر منفردًا قبل بدو صلاحه على شرط قطعه في الحال أو قريبًا منه".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٤/ ٤٦٣) قال: "إن بيع الشجر دون =

<<  <  ج: ص:  >  >>