للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوَّل (١): غرر يسير، وهذا متسامحٌ فيه، وقد مرَّت نَماذجُ كثيرةٌ مثل ذلك في الشريعة الإسلامية، فكل بابٍ من الأبواب فيه من التسامح ما فيه، فمَنْ لم يستطع أن يتوضأ مثلًا، فإنه يتيمم، ومَنْ جرح أو كسر وعليه جبيرةٌ، فيمسح على الجبيرة، وكذلك بعض النجاسات المعفو عنها، والقاعدة المعلومة: أن "المشقة تجلب التيسير" (٢).

وقد بيَّن العلماء أن أسباب التخفيف في الشريعة سبعة:

* فالمسافر يخفف عنه.

* وكذلك المريض.


= الكثير ألحق بالقليل، وهذا هو سبب اختلاف العلماء في فروع الغرر والجهالة".
يُنظر: "الفروق" (٣/ ٢٦٥)، ولذلك وضع العلماء شروطًا للغرر حتى يكون مؤثرًا في العقد: أن يكون كثيرًا، وأن يكون في المعقود عليه أصالة، وألا يكون للناس حاجة في ذلك العقد، وأن يكون في عقود المعاوضات فقط (عند المالكية وحدهم). انظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص ١٢٠)، و"الفروق" للقرافي (١/ ١٥١).
(١) قال النووي: "ونقل العلماء الإجماع أيضًا في أشياء غررها حقير: منها … "، وساق جملةً من هذه الأنواع.
ثم قال: "قال العلماء: مدار البطلان بسبب الغرر والصحة مع وجوده على ما ذكرناه، وهو أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة، أو كان الغرر حقيرًا، جاز البيع وإلَّا فلا، وقد تختلف العلماء في بعض المسائل كبيع العين الغائبة، وبغ الحنطة في سنبلها، ويكون اختلافهم مبنيًّا على هذه القاعدة، فبعضهم يرى الغرر يسيرًا لا يؤثر، وبعضهم يراه مؤثرًا، والله - سبحانه وتعالى - أعلم". يُنظر: "المجموع" (٩/ ٢٥٨).
(٢) المراد بـ "المشقة الجالبة للتيسير": "المشقة التي تنفك عنها التكليفات الشرعية، والمشقة تجلب التيسير؛ لأنَّ الحرج مدفوع بالنص، ولكن جلبها التيسير مشروط بعدم مصادمتها نصًّا، فإذا صادمت نصًّا روعي دونها، وهي داخلةٌ في العبادات والمعاملات والأنكحة والجنايات؛ ففي العبادات كون الصلوات خمسًا فقط، وتفريقها على الأوقات، وإباحة القصر والجمع فيها للمسافر، واغتفار الفعل الفاحش في الصلاة للخائف، وكيف أمكنه في حالة شدة الخوف، وأمثلة ذلك كثيرة" انظر: "الغيث الهامع شرح جمع الجوامع" لأبي زرعة العراقي (ص ٦٥٩)، و"شرح القواعد الفقهية" للزرقا (ص ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>