للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قَوْله: (وَأَمَّا مَالِكٌ، فَإِنَّهُ أَجَازَهُ؛ لِأَنَّهُ يُجِيزُ الخِيَارَ بَعْدَ عَقْدِ البَيْعِ فِي الأصْنَافِ المُسْتَوِيَةِ).

اعتبر الإمام مالكٌ - رحمه الله - ذلك نوعًا من الخيار، فباختيار أحدهما يعتبر البيع لازمًا، وتحدد في حقِّه، وغير الإمام مالكٍ يعتبر ذلك بيعتين في بيعةٍ، وقد عرفهما عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - بقوله: "صفقتان في صفقةٍ ربًا" (١)، يعني: بيعتان في بيعة ربًا، وهو معنى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيعتين في بيعة … الحديث (٢).

• قوله: (لِقِلَّةِ الغَرَرِ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ).

أي: يرى الإمام مالكٌ - الله - أن الغرر في ذلك يسيرٌ، وأنه يمكن أن يتجاوز عنه، والقائلون بعدم الجواز يقولون: الغرر في ذلك واضحٌ، وليس يسيرًا؛ لأن المشتري وقع في إبهامٍ وحيرةٍ.

• قَوْله: (وَأَمَّا مَنْ لَا يجِيزُه، فَيَعْتَبِرُهُ بِالغَرَرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ؛ لِأنَّهُمَا افْتَرَقَا عَلَى بَيْعٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ).

"علَى بيعٍ غير معلومٍ"، أي: علَى بيع مبهم لم يكن محددًا.

قَوْله: (وَبِالجُمْلَةِ، فَالفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الغَرَرَ الكَثِيرَ فِي المَبِيعَاتِ لَا يَجُوزُ).

كأن المؤلف رحمه الله تعالى عاد على ما سبق بإيجاز؛ فبيَّن أن العلماء متفقون على أن الغرر ينقسم إلى قسمين (٣):


(١) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨/ ١٣٨)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٣٠٧)، وصَحَّحه الألْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٣٠٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) قَسَّمها القرافي ثلاثة أقسام، فقال: "الغرر والجهالة ثلاثة أقسام: كثير ممتنع إجماعًا؛ كالطير في الهواء، وقليل جائز إجماعًا؛ كأساس الدار وقطن الجبة، ومتوسط اختلف فيه، هل يلحق بالأول أو الثاني؟ فلارتفاعه عن القليل ألحق بالكثير، ولانحطاطه عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>