للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر، وجمهور العلماء يستدلون بعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}، وقالوا: الآية أطلقت في هذا المقام، ولم تخص المرئي من غيره، ولم يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء من ذلك، وأمَّا ما ورد في ذلك؛ كحديث أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اشترى مبيعًا لم يره؛ فإذا ما رآه - معنى الحديث - فله الخيار". فهو حديث ضعيف، وقد ذكره البيهقي، والدارقطني؛ وضعفه (١).

ولا خلاف عند مالك أنَّ الصفة إنما تنوب عن المعاينة، يعني أن يصف البائع السلعة للمشتري؛ فيقول: لدي دارًا وصفها كذا - ويذكر كل تفاصيلها -، أو يكون ثوبًا، أو غير ذلك من السلع، هذا الوصف جائز عند المالكية (٢)، وعند الحنابلة (٣).

• قوله: (وَمَا يُخَافُ أَنْ يَلْحَقَهُ مِنَ الْفَسَادِ بِتَكْرَارِ النَّشْرِ عَلَيْهِ).

أي: كذلك ما يُخشى تَطرق الفساد إليه، تنوب فيه الصفة عن المعاينة.

• قوله: (وَبهَذَا أَجَازَ الْبَيْعَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَمْ يَجُزْ عَنْدَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ فِي جِرَابِهِ، وَلَا الثَّوْبِ الْمَطْوِيِّ فِي طَيِّهِ حَتَّى يُنْشَرَ، أَوْ يُنْظَرَ إِلَى مَا فِي جِرَابِهَا).

وذلك؛ لأنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الملامسة (٤)، ومعلومٌ أنَّ من يلمس الثوب دون أن يقلبه لن يعلم ما فيه، وهذا مما نُهي عنه.


(١) يُنظر: "سنن الدارقطني" (٣/ ٤)، و"السنن الكبرى" (٥/ ٢٦٨).
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير، ومعه حاشية الدسوقي" (٣/ ٢٥)، حيث قال: "وجاز بيع غائب؛ أي على البت، أو على الخيار، أو السكوت، هذا إذا وُصف ذلك المبيع الغائب".
(٣) يُنظر: "الإقناع في فقه الإمام أحمد"؛ للحجاوي (٢/ ٦٥)، حيث قال: "ويصح بصفة - أي: البيع - وهو نوعان؛ أحدهما: بيع عين معينة؛ سواء كانت العين غائبة، مثل أن يقول: بعتك عبدي التركي، ويذكر صفاته … ، والثاني: بيع موصوف غير معين، ويصفه بصفة تكفي في السلم، إن صح السلم فيه".
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>