للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَرَرِ الْيَسِيرِ (١)، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَإِنَّهُ رَأَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤيَةِ أَنَّهُ لَا غَرَرَ هُنَاكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُؤيَةٌ، وَأَمَّا مَالِكٌ - رحمه الله -: فَرَأَى أَنَّ الْجَهْلَ الْمُقْتَرِنَ بِعَدَمِ الصِّفَةِ مُؤَثِّرٌ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ، وَلَا خِلَافَ عِنْدِ مَالِكٍ - رحمه الله - أَنَّ الصِّفَةَ إِنَّمَا تَنُوبُ عَنِ الْمُعَايَنَةِ لِمَكَانِ غَيْبَةِ الْمَبِيعِ، أَوْ لِمَكَانِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي فِي نَشْرِهِ، وَمَا يُخَافُ أَنْ يَلْحَقَهُ مِنَ الْفَسَادِ بِتَكْرَارِ النَّشْرِ عَلَيْهِ).

فإذا غاب المبيع، وتعذر الوصول إليه، فإنَّه في هذه الحالة يُباع، وسيذكر المؤلف ما حصل في قصة عثمان وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهما - (٢)، وهناك قصة أُخرى حصلت بين عثمان وطلحة - رضي الله عنهما -؛ كل منهما باع الآخر دارًا غائبة (٣)، بخلاف الشافعية؛ فإنَّ الأئمةَ الثلاثةَ كما يظهر أقوالهم متقاربة، وبخاصة إذا أخذنا بالقول الآخر، فنجد أنَّ الأئمة الثلاثة يجتمعون عند قوله: أنَّه يجوز بيع الغائب، وهو الذي قال به أبو حنيفة (٤)، وأخذ به الحنابلة (٥)، والمالكية في رواية (٦).

وأمَّا منع الشافعية (٧): فسببه أنهم لا (٨) يرون الاستدلال بأحاديثَ:


= ولا يجوز بيع العين الغائبة إذا جهل جنسها، أو نوعها، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن بيعِ الغرر، وفي بيع ما لا يعرف جنسه، أو نوعه غرر كبير".
(١) يُنظر: "التهذيب في اختصار المدونة"؛ لأبي سعيد بن البراذعي المالكي (٣/ ٢٥٥)، حيث قال: "قال ابن القاسم: ومن اشترى سلعةً غائبةً على رؤيةٍ تقدمت منذ وقتٍ لا يتغير مثلها فيه، جاز البيع".
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٨/ ٤٥)، والبيهقي (٥/ ٢٢٦)، وسيأتي قريبًا.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سبق تبيان ذلك في مسألة بيع الغائب.
(٥) سبق تبيان ذلك في مسألة بيع الغائب.
(٦) سبق تبيان ذلك في مسألة بيع الغائب.
(٧) يُنظر: "الحاوي الكبير"؛ للماوردي (٥/ ١٥)، و"المجموع" (٩/ ٣٠١)، وسبق تبيان ذلك.
(٨) لعلها زائدة فالمعنى يستقيم بدونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>