للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراد الإمام مالك أنَّه لا يمكن أن يحبس ما استوى منه حتى ينتظر ما لم يستوي، فبالنسبة للخيار والقثاء مثلًا؛ قد تذهب فائدته، ويكبر حجمه، ويذهب طعمه، وكذلك الحال بالنسبة للدبة؛ فالعوام يقولون (عود)؛ يعني أصبح عودًا كبيرًا تقل فائدته، لكن الجمهور يقولون: يباع ما انتهى وصلح، وينتظر ما لم يصلح.

• قوله: (فَجَازَ أَنْ يُبَاعَ مَا لَمْ يُخَلَّقْ مِنْهَا مَعَ مَا خُلِّقَ وَبَدَا صَلَاحُه، أَصْلُهُ جَوَازُ بَيْعِ مَا لَمْ يَطِبْ مِنَ الثَّمَرِ مَعَ مَا طَابَ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الصِّفَةِ شَبَّهَهُ بِالْغَرَرِ فِي عَيْنِ الشَّيءِ).

فجاز أن يُباع ما لم يخلق: يعني ما ظهر وشوهد، وأصبح عينًا، ما هو في داخل الأرض ينبغي أن يُباع هذا تباعًا لذلك.

ودليل الإمام مالك هنا الحاجة، والقياس على الثمار، والجمهور يقولون: إنَّ هذا قياس مع الفارق، فالثمار مستثناة، وأمرها يختلف، لأنَّه إذا استوت تتابعت، وأيضًا هي مأمونة، وظاهرة المشاهدة، أمَّا تلك فلا.

• قوله: (وَكَأنَّه رَأَى أَنَّ الرُّخْصَةَ هَا هُنَا يجِبُ أَنْ تُقَاسَ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي بَيْع الثِّمَارِ؛ (أَعْنِي: مَا طَابَ مَعَ مَا لَمْ يَطِبْ) لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ، وَالأصْلُ عِنْدَهُ: أَنَّ مِنَ الْغَرَرِ مَا يَجُوزُ لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ).

يعني أنَّ الإمام مالك يقسم الغرر إلى قسمين: فمن الغرر ما يوافقه فيه غيره، وهناك من الغرر ما يمكن للقاضي أن يتجاوز عنه للضرورة، فإذا وجدت ضرورة، أو حاجة - والحاجة تنزل منزلة الضرورة عامَّة كانت أو خاصَّة - فهذا يستثنى، أمَّا الجمهور: فلا يرون حاجة لذلك، ويرون أنَّ هذا الذي بدا وصلح يُؤخذ، ثم بعد ذلك يُؤخذ الباقي، وقالوا: إنَّ هذا من باب بيع المعدوم، والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، فقد نَهى عن بيع

<<  <  ج: ص:  >  >>