للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيول، وقد اختلف العلماء في حكم بيعها من حيث الجملة؛ فبعضهم منعوه، وبعضهم أجازه بشروط ثلاثة:

الشرط الأول: أن يكون هذا السمك مملوكًا لك، يعني لا تسطوا على بركة جارك، أو تمر بمزرعة، أو ببستان فترى بركة فيها سمكًا فتبيع منه، وأنت لا تملكها، لأنَّه لا يجوز لك أن تبيع حق غيرك.

الشرط الثاني: أن يكون مشاهدًا تراه، لأنَّه لا يجوز بيع السمك في الماء، ولا الطائر في السماء، ومثل ذلك بيع الآبق، وسيأتي بيانه.

وقال أهل العلم في مسألة بيع الطائر في الهواء، لأنَّه لا يخلو إمَّا أن يكون ملكًا لك؛ فأنت لا تستطيع أن تسلمه للمشتري، وإمَّا ألَّا يكون ملكًا لك، فأنت تبيع ما لا تملك، ولا تقدر على تسليمه.

الشرط الثالث: أن تكون قادرًا على الوصول إليه، والإمساك به، وبيعه.

هذه شروط ثلاثة إذا توفرت يجوز عند بعض العلماء بيعه، كما سيأتي.

* قولُهُ: (فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ (١)، وَمَنَعَهُ مَالِكٌ (٢)،


(١) أبو حنيفة يمنع ذلك، كما ذكر الشيباني في "الأصل" ط. قطر (٨/ ١٥٣)، حيث قال: "وسألت أبا حنيفة عن الرجل يستأجر أجَمَة يصيد فيها السمك؛ قال: هذا لا يجوز، وهذا مثل النهر"، لكنهم أجازوا ذلك في أرض بيت المال، كما في "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٦١)، حيث قال: "ونقل في البحر أيضا عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، أنَّه كتب إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن بيع صيد الآجام، فكتب إليه عمر: أنَّه لا بأس به، وسمَّاه الحبس. اهـ.
ثم قال في البحر: فعلى هذا لا يجوز بيع السمك في الآجام، إلا إذا كان في أرض بيت المال، ويلحق به أرض الوقف".
(٢) يُنظر: "منح الجليل شرح مختصر خليل" (٨/ ١٠٥) حيث قال: "بحيرات تكون عندنا بمصر لأهل قرى أراد أهلها بيع سمكها لمن يصيده منها، فقال الإمام مالك: لا يعجبني أن تُباع؛ لانَّها تقل وتكثر، ولا يدرى كيف تكون، ولا أحب لأحد أن يمنع أحدًا من تلك البحيرة يصيد فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>