للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون هناك دافع من الدوافع، وربما يكون فيه حرمان لبعض الورثة.

والآخرون قالوا: هذا ملكه الخاص، وله أن يتصرف فيه، حتى ولو لم يبقَ له في هذه الحياة الدنيا إلَّا سُويعات.

* قولُهُ: (وَمِنْ هَذَا الْبَابِ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ، وَالصَّوَّاغِينَ).

إنَّ البقايا التي تكون مع تراب الذين يشتغلون بالصياغة، وكذلك المعادن حكم بيع بعضها ببعض عدم الجواز؛ وهو من المعاملات الربوية، ولقد درسنا باب الربا والصرف، وعرفنا ما يتعلق به، وأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وضع لنا أصول الربا، وحذرنا منه، وأنَّ الله سبحانه وتعالى قد شنع أمر الربا، وبين أنَّ من يسلك طريقه إنَّما هو يحارب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، والرسول - صلى الله عليه وسلم - بين لنا كيف يكون التعامل في الأموال الربوية، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب وزنًا بوزن"، وقال في الحديث الآخر: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، يدًا بيد، سواء بسواء"، فلا بُدَّ من المماثلة، ومنه فبيع مثل هذه الأموال - حتى وإن كانت بقايا - دون أن يعرف قدرها هي من أنواع الربا.

ومنه فالسر في المنع هنا: هو أنَّ المماثلة غير متيقنة؛ لأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثلًا بمثل، يدًا بيد".

* قولُهُ: (فَأَجَازَ مَالِكٌ بَيْعَ تُرَابِ الْمَعْدِنِ بِنَقْدٍ يُخَالِفُه، أَوْ بِعَرَضٍ، وَلَمْ يُجْزِ بَيْعَ تُرَابِ الصَّاغَةِ (١)، وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ الْبَيْعَ فِي الْأَمْرَيْنِ جميعًا (٢)).

وهذا تفصيل المالكية في ذلك: وهو أنَّ هذا لا يجوز، لكن لو


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي" (٣/ ١٦)، حيث قال: "وإنَّما جاز بيع تراب المعدن، دون تراب الصَّوَّاغين لخفة الغرر في الأول دون الثاني".
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج"؛ للهيتمي (٤/ ٢٥٨)، و"نهاية المحتاج"؛ للرملي (٣/ ٤١٣)، حيث قالا: "وإنَّما لم يصح بيع تراب المعدن نظرًا إلى أنَّ المقصود منه النقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>