وأمَّا اعتبار الكمية فهو الاختلاف في القدر، وهذا إنَّما يكون في المكيل، والموزون، والمعدود، وفي المساحات، وربما في الأقيسة أيضًا؛ كما ترون بائع القماش لا يكيل القماش، ولا يزنه، لكنه يقيسه بالذراع، أو بالمتر، وكذلك الأرض لها مقاييس معروفة، وهذه كلها في الواقع؛ المكيال، أو الميزان، أو الذراع، أو المتر؛ هذه كلها نسميها مقاييس؛ لأنَّها تقاس بها الأشياء، أي: تقدر بها.
وهنا مسألة مهمة نبه إليها المؤلف؛ وهي: أنَّه لا يجوز التبايع فيما يكال إلا بالكيل، وفيما يوزن إلا بالوزن، وفيما يُعد إلا بالعَد، وفيما يُقاس إلا بالمقياس.
ثم أضاف مسألة أخرى، وهي: هل هناك اشتراط أن يكون القدر معلومًا عند الطرفين - البائع والمبتاع - أو لو علم أحدهما كفى ذلك، وبيَّنَ أنَّه لا بُدَّ من معرفة الأمرين معًا، فيكون البائع على علم حتى لا يخسر في بضاعته، والمشتري يكون عالمًا بالقدر حتى لا يغبن، وحتى ترتفع الجهالة أيضًا.
الكيل معروف وهو: الصاع، والمد إلى غير ذلك، وقوله: الصنوج:
= الدسوقي" (٣/ ١٥)، حيث قال: "فلا يفسد البيع: أي بل هو صحيح، كما إذا كان كل من الجملة والتفصيل معلومًا؛ كشراء صبرة، أو شقة معلومة القدر، كل ذراع، أو إردب منها بكذا"، و"تحفة المحتاج"؛ لابن حجر الهيتمي (٤/ ٢٥٠)، حيث قال: " (يشترط كونه) أي المسلم فيه (معلوم القدر كيلًا) فيما يوزن (أو عدًّا) فيما يعد كالحيوان واللبن (أو ذرعًا) فيما يذرع، أو عدًّا وذرعًا فيما يعد ويذرع"، و"كشاف القناع" (٧/ ٤٩٢)، حيث قال: " (ومن اشترى شيئًا بكيل، أو وزن، أو عد، أو ذرع ملكه) بالعقد (ولزم) البيع".