للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه أوائل المائة الثامنة، وانتهى منه سنة ثمانمئة واثنتين وأربعين، يعني قبل وفاته بعشر سنوات، واشتهر ذلكم الكتاب، وفرح به الناس، وطاروا به في البلدان، ثم بعده وُجد كتاب البدر العيني (عميدة القاري)، فسئل ابن حجر عن كتابه، وأنَّ العيني في بعض المواضع فصَّلَ أكثر مما في فتح الباري، فبيَّنَ رحمه الله تعالى بأنَّه وقف على ما وقف عليه العيني، ولكن هذا العمل إنَّما هي أعمال جزئية.

وكذلك الحافظ ابن رجب الحنبلي بدأ في شرح صحيح البخاري قبل ابن حجر، وسمى كتابه فتح الباري، لكنه وصل فيه إلى الجنائز ولم يكمله، وتوسع فيه بالأحاديث أكثر من ابن حجر، وهذا كتاب يستفاد منه، وكثير من شروح البخاري، لكن ابن حجر أراد أن يكون كتابه على نسقٍ فمشى في توازن كامل وحافظ عليه، فاحتفظ كتابه (فتح الباري) بقيمته، أمَّا العيني فقد توسع في بعض الأمور، ثم بعد ذلك في النهاية قلَّل في أمور الأخرى، وقد عني باللغة العربية كثيرًا لاشتغاله بها، أمَّا ابن حجر فقد توسع في سائر العلوم، لكنَّه عني أكثر بالحديث، والفقه.

وأمَّا كتابنا كما هو ظاهر فقد سار على نسقٍ، لكنَّه غير منهجه فيه، وربما طبيعة البحث تقتضي من الإنسان مثل هذه الأمور، لأنَّه أحيانًا يمر بمسائل ليست كُبرى؛ كمسألة المريض الذي باحثها، وما يتعلق أيضًا بالتبر، وما يتعلق بتراب المعادن، وتراب الصاغة، فبالرغم من أنَّ هذه المسائل تعتبر جزئية، فقد أدخلها المؤلف في كتابه، مع أنَّ كتابه في المسائل الكلية التي يقتضي البحث فيها ألَّا يكون مُطولًا.

وهذا الباب بُني على أصل، والأصل عادة يكون إمَّا أصلًا منقولًا، أو أصلًا معقولًا، وقد يجتمعان معًا، فأمَّا الأصل المنقول؛ فهي الأدلة من الكتاب العزيز، ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمَّا المعقول؛ فهو ما يُعرف بالقياس.

والكلام هنا عن الأدلة من السنة النبوية المطهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>