للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُهُ: (أَحْدُهَا: حَدِيثُ جَابِرٍ، قَالَ: "ابْتَاعَ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعِيرًا، وَشَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ"، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ (١)).

وهو حديث طويل، والمؤلف جاء بمحل الشاهد فقط، وجابر - رضي الله عنه - كان معه جمل، فأتعبه هذا الجمل حتى كاد أن يسبقه، أو أن يتركه، قال فلحق بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا لي، وضربه فسار سيرًا لم يسر مثله، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا لا يكون في مقدمة الركب، ويقال: إنَّه من شأن المسؤول أن يكون في المؤخرة، ليتتبع أحوال الناس، وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى ما عناه جابر - رضي الله عنه - من التعب، والمشقة مع البعير.

ومعلوم أنَّ دعوةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجابة، ومن ذلك ما مر بنا في أحكام الجمعة، عندما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب في الناس فدخل أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادعُ الله لنا، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رافعًا يديه إلى السماء، يسأل الله تعالى فنزل المطر، فجاء في الأسبوع الثاني يطلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو بإيقاف المطر (٢)، وقد استجاب له الله تبارك وتعالى؛ لأنَّه صادق مع الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل يستجيب دعوة الدَّاع، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.

ولما دعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وضربه، فسار سيرًا لم يسر مثله من قبل، وأصبح نشيطًا، عرض عليه - صلى الله عليه وسلم - قال: "بعني"، قال: لا تغيرت الحال، ثم كرر عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "بعني"، قال: نعم بعتكه، واشترط حملانه إلى أهله، وفي بعض الروايات إلى المدينة، وهذا في الصحيحين.


(١) أخرجه البخاري (٢٧١٨)، ومسلم (٧١٥).
(٢) أخرجه البخاري (٩٣٣)، ومسلم (٨٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>