للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح قد مر بنا، وقد رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي؛ وصححه، قال: حديث حسن صحيح، وقد مر بنا كذلك حديث: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا تبع ما ليس عندك" (١)، وقد جاء بألفاظ أطول من ذلك، والشاهد قولُهُ: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان ببيع"، والشرطان في البيع؛ كأن يشتري مثلًا ثوبًا ويشترط خياطته وتقصيره، فيكون بذلك قد اجتمع شرطان في بيع واحد، وأمَّا لو باع دارًا واشترط سكناها شهرًا، فهذا جائز عند الإمام أحمد (٢)، وكذلك مالك (٣).

* قولُهُ: (فَمَنْ أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَالشَّرْطَ أَخَذَ بِعُمُومِ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ، وَلِعُمُومِ نَهْيِهِ عَنِ الثّنْيَا).

يعني للحديث الذي فيه نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط، لكن الثّنيا لا يصلح أن يكون دليلًا وحجةً في هذه المسألة؛ لأنَّ فيه النهي عن بيع الثُّنيا حتى تُعلم، وذلك تقييد، ولكن في الحديث الآخر فالنهي عن بيع وشرط بالإطلاق.


(١) أخرجه الترمذي (١٢٣٤)، وغيره، وصححه الألباني "صحيح وضعيف سنن الترمذي" (٣/ ٢٣٢).
(٢) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"؛ للبهوتي (٣/ ١٧٠، ١٧١)، حيث قال: "شرط بائع على مشترٍ نفعًا غير وطء، ودواعيه؛ كمباشرة دون فرج، وقبلة فلا يصح استثناؤه؛ لأنَّه لا يحل إلا بملك يمين، أو عقد نكاح (معلومًا) أي النفع (في مبيع) متعلق بنفع (ك) اشتراط بائع (سكنى الدار) المبيعة (شهرًا) مثلًا (وحملان البعير)، أو نحوه المبيع (إلى) محل (معين)، وكاشتراطه خدمة العبد المبيع مدة معلومة؛ فيصح نصًّا".
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير، وحاشية الدسوقي" (٣/ ٦٥)، حيث قال: "قولُهُ: وكبيع وشرط: اعلم أن الشرط الذي يحصل عند البيع، إمَّا أن لا يقتضيه العقد وينافي المقصود منه، أو يخل بالثمن، أو يقتضيه العقد، أو لا يقتضيه ولا ينافيه؛ فالمضر الأولان، دون الأخيرين ....
وقد ذكر المصنف مثال الأولين، وأمَّا الثالث كشرط تسليم المبيع للمشتري، والقيام بالعيب، ورد العوض عند انتقاض البيع، فهذه الأمور لازمة دون شرط لاقتضاء العقد لها، فشرطها تأكيد، والرابع كشرط الأجل، والخيار، والرهن، فهذه أمور لا تنافي العقد، ولا يقتضيها، بل إن اشترطت عمل بها، وإلا فلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>