للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُهُ: (وَبِقَوْلِ مَالِكٍ فِي إِجَازَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ الْمُعَجَّلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ مَنْعَ بَيْعٍ وَشَرْطٍ).

يعني هذا هو المذهب المحرر عند الشافعية، وهي أيضًا رواية للإمام أحمد، وأمَّا أبو حنيفة (١) فيرى أنَّ ذلك لا يجوز؛ لأنَّ هذا داخل في بيع وشرط، وهي الرواية الأخرى للإمام أحمد.

وقوله: (عَلَى أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ مَنْعَ بَيْع وَشَرْطٍ): قصد المؤلف بهذه العبارة لفت النظر، فكأنَّه يذكرنا - إن كنًا قد نسينا - كأنَّه يقول: لقد مر بكم أنَّ الشافعي يلتقي مع أبي حنيفة في أنَّه لا يجمع بين بيع وشرط، ولكنه في هذا المقام خالف أصله وقاعدته.

فمثلًا إنسان باع عبدًا واشترط على المبتاع أن يعتقه، فهذا يعتبر بيع وشرط، ومع ذلك أجازه الشافعي، وسبب ذلك أمر قد أشار إليه المؤلف من قبل، وهو أنَّ هذا فيه وجه من أوجه البر، ولأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - رغب في العتق، وحض عليه (٢)، وبَيَّن فضل وثواب المعتقين للرِّقاب، وجعله الشرع في عددٍ من الكفَّارات كما هو معلوم، فالإمام الشافعي مال إلى هذا الرأي؛ لأنَّه رأى أنَّه فيه وجه من أوجه البر والخير، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢].


= المشهورة، ولتشوف الشارع للعتق على أنَّ فيه منفعة للمشتري دنيا بالولاء، وأخرى بالثواب، وللبائع بالتسبب فيه، وخرج بإعتاقه كله شرط نحو وقفه، وإعتاق غيره، أو بعضه. قيل: ومحله إن اشترى كله بشرط إعتاق بعضه. قال بعضهم: ما لم يعين ذلك البعض، وفيه نظر، بل الذي يتجه صحة شراء الكل".
(١) يُنظر: "فتح القدير"؛ للكمال بن الهمام (٦/ ٤٤١)، حيث قال: "ومن باع عبدًا على أن يعتقه المشتري، أو يدبره، أو يكاتبه، أو أمة على أن يستولدها؛ فالبيع فاسد".
(٢) من ذلك قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق رقبة مسلمة، أعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار، حتى فرجه بفرجه". أخرجه البخاري (٨/ ١٤٦)، وأخرج مسلم (٢/ ١١٤٧): عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من أعتق رقبة مؤمنة، أعتق الله بكل إرب منها إربًا منه من النار".

<<  <  ج: ص:  >  >>