للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجهالة أصبح ذلك جائزًا، والقاعدة هنا: أنَّه كلما وجد غررًا كثيرًا؛ فإنَّه يمنع، وأمَّا إن كان يسيرًا؛ فإنَّه يُعفى عنه.

" قول: (وَأَجْمَعُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الرَّجُلِ ثَمَرَ حَائِطِهِ، وَاسْتِثْنَاءِ نَخَلَاتٍ مُعَيَّنَاتٍ مِنْه، قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ شِرَائِهَا) (١).

وقوله: (أجمعوا): لأنَّ هذا ليس فيه ضرر، وحق له، وكما أنَّ المشتري له أن يشتري جزءًا من هذا البستان، فالبائع كذلك له أن يبيع هذا البستان إلَّا بعضه، فيقول: أستثني نخلات معينات، لكن لا بُدَّ أن يُحدد.

إذن فأجمع العلماء كما ذكر المؤلف على أنَّه يجوز للإنسان أن يبيع بستانه، ويستثني منه نخلًا، أو أي نوع من الأشجار، فالاستثناء إذًا يكون معينًا، فلا خلاف فيه بين العلماء، وذلك لارتفاع الجهالة، ووضوح الأمر، وزوال الغرر.

* قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أنَّه لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ حَائِطٍ لَهُ عِدَّةَ نَخَلَاتٍ غَيْرَ مُعَيَّنَاتٍ، إِلَّا بِتَعَيُّنِ الْمُشْتَرِي لَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لأنَّه بَيْعُ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَبَايِعَانِ) (٢).


(١) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٤/ ٥٤٥)، حيث قال: "ولو اشترى أرضًا على أنَّ فيها كذا نخلًا مُثمرًا، فإذا واحدة فيها لا تثمر؛ فسد بَحْرٌ (كما لو باع عدلًا) من الثياب (أو غنمًا واستثنى واحدًا بغير عينه) فسد (ولو بعينه جاز) " [فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ].
ويُنظر: "الشرح الكبير"؛ للدردير (٣/ ٥٩)، حيث قال: "فيمن باع بستانه المُثمر، واستثنى منه عدد نخلات مثمرة يختارها؛ أشار إلى جوازه"، ويُنظر: "الأم"؛ للشافعي (٣/ ٦١)، حيث قال: "وإن باعه الحائط إلَّا ربعه، أو نصفه، أو ثلاثة أرباعه، أو الحائط إلا نخلات يشير إليهن؛ فإنَّما وقعت الصفقة على ما لم يستثن، فكان الحائط فيه مائة نخلة، استثنى منهن عشر نخلات، فإنَّما وقعت الصفقة على تسعين بأعيانهن"، ويُنظر: "المغني"؛ لابن قدامة (٤/ ٧٨)، حيث قال: "إذا استثنى نخلة، أو شجرة بعينها؛ جاز، ولا نعلم في ذلك خلافًا؛ وذلك لأنَّ المُستثنى معلومٌ".
(٢) يُنظر: "فتح القدير"؛ لابن الهمام (٢/ ٥٦١)، حيث قال: "ولا يجوز أن يبيع ثمرة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>