للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُهُ: (وَرَأَى أَنَّهُ إنْ وَقَعَ جَازَ، وَلَكِنْ يُشْرِكُ المُشْتَرِي أَهْلَ الأَسْوَاقِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سُوقَهَا) (١).

فالإمامُ مالك - رحمه الله - يقول: لا مانع أن تَتَلقَّى الجلَبَ، وأن تَشتريَ منهم، لكنَّك إذا جئتَ أصحابَ الحوانيتِ في السُّوق، فإنَّك تُشركهم معكَ في هذه البِضاعةِ، حتى يكون الرِّبحُ مشتركًا.

* قولُهُ: (وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: إِنَّ المَقْصُودَ بِالنَّهْيِ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ البَائِعِ، لِئَلَّا يَغْبِنَهُ المُتَلَقِّي) (٢).

وهذا مذهبُ أحمد كذلك (٣).

لأنَّ البائع رُبَّما يأتي لا خبرة له بسعرِ السِّلع في الأسواق، فإذا قابله المتلقِّي قد يُغْريه، فيستسهل البائع ويقول لنفسه: هذا خيرٌ لي، فأنا الآن في منتصف الطريق، سأبيع وأعود، ولعلَّ الذي اشترى منه يكون مخادعًا، فعند الإمام الشافعيِّ - رحمه الله - قد وقع الغَبنُ على البائع؛ لذا خصَّصَ النهيَ به.

والظاهر: أنَّ النهي إنما هو رفع الضرر، والضرر قد يحصل للبائع ويحصل لأهل السوق معًا؛ فينبغي أن يُراعى المعنيان معًا (٤).

* قولُهُ: (وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ هُوَ نَصٌّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا تَتَلَقَّوُا الجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّى مِنْهُ شَيْئًا فَاشْتَرَاهُ فَصَاحِبُهُ بِالخِيَارِ إِذَا أَتَى السُّوقَ").


(١) يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (٣/ ١٠٨) قال: "ولا يفسخ"، إن وقع بل يدخل في ضمان المشتري بالعقد "ولأهل السوق مشاركته" فيما اشتراه للتجارة.
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب " لزكريا الأنصاري (٢/ ٣٨) قال: يحرم تلقي الركبان ليشتري منهم … والمعنى فيه غبنهم؛ سواء أخبر المشتري … أم لم يخبر.
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٣١٤)، قال: وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الخيار له يدل على أن النهي عن تلقي الركبان لحَقِّه، لا لحقِّ غيره.
(٤) وهو اختيار ابن العربي، يُنظر: "شرح مختصر خليل " للخرشي (٥/ ٨٤) قال: "اختلف، هل النهي عن التلقي تعبد، أو معقول المعنى، وعليه فهل الحق لأهل البلد وهو قول مالك، أو للجالب وهو قول الشافعي، أو لهما وهو قول ابن العربي".

<<  <  ج: ص:  >  >>