للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجد سلعة معروضة في الأسواق عند تاجر، - ربَّما الذي يُنادي بها إنما هو صديقه، وربَّما شريكه -، فينجش السلعة، برفع سعرها، وكُلَّما زاد واحدٌ زاد هو حتَّى يوقعَ الناس، ولا شكَّ أنَّه خائنٌ، ومخادع.

* قولُهُ: (فَاتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ، وَأَنَّ النَّجْشَ هُوَ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فِي سِلْعَةٍ، وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ شِرَاؤُهَا، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَنْفَعَ البَائِعَ، وَيَضُرَّ المُشْتَرِيَ).

إذًا: لا خلاف بين العلماء في منع النجش (١)، وأن من يفعل ذلك يكون آثمًا؛ لأنه أوقع أخاه المسلم في ضرر.

لكنَّ موضع اختلافهم في عقد البيع، هل يكون عقدًا صحيحًا أو يكون فاسدًا؟ (٢)، وعلى القول بأنه صحيح، فلأنَّ النَّهي لا يتوجه إلى العاقد وإنما يتوجه إلى صفة النجش، فهل الجِهةُ منفكَّة أو لا؟ (٣).

وقول المؤلف: (يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَنْفَعَ البَائِعَ وَيَضُرَّ المُشْتَرِيَ)، هذا ليس ضابطًا، فقد يكون البائع في غنًى عنه أصلًا.


(١) يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (١٣/ ١٦) قال: قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن الناجش عاصٍ بفعله.
(٢) يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (١٣/ ١٦) قال: قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن الناجش عاصٍ بفعله، واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك، ونقل ابن المنذر عن طائفةٍ من أهل الحديث، فساد ذلك البيع إذا وقع على ذلك، وهو قول أهل الظاهر، ورواية عن مالك، وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان بمواطأة البائع أو صنعته، والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار، وهو قول الحنفية.
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٣٠٥) قال: فإن اشترى مع النجش، فالشراء صحيح في قول أكثر أهل العلم، منهم الشافعي وأصحاب الرأي، وعن أحمد أن البيع باطل. اختاره أبو بكر وهو قول مالك؛ لأن النهي يقتضي الفساد، ولنا أن النهي عاد إلى الناجش لا إلى العاقد، فلم يؤثر في البيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>