للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى المُقَيَّدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ المَاءِ مُطْلَقًا، ثُمَّ نَهَى عَنْ مَنْعِ فَضْلِ المَاءِ، فَحَمَلُوا المُطْلَقَ فِي هَذَا الحَدِيثِ عَلَى المُقَيَّدِ، وَقَالُوا: الفَضْلُ هُوَ المَمْنُوعُ فِي الحَدِيثَيْنِ).

مرادُ المؤلِّف رحمه الله، أنه قد جاءت روايتان:

الأولى: فيها نهيٌ عن بيع الماء مطلقًا.

والثانية: فيها نهيٌ عن فضلِ الماء مقيَّدة، فحَمَل أصحابُ هذا القول المطلقَ؛ الذي جاء بالنهي عن بيع الماء مطلقًا، على المقيَّد؛ الذي جاء بالنهي عن فضل الماء. وهذا هو الأَوْلى.

* قولُهُ: (وَأَمَّا مَالِكٌ فَأَصْلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ المَاءَ مَتَى كَانَ فِي أَرْضٍ مُتَمَلَّكَةٍ مَنِيعَةٍ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الأَرْضِ لَهُ بَيْعُهُ وَمَنْعُه، إِلَّا أَنْ يَرِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ لَا ثَمَنَ مَعَهُمْ وَيُخَافُ عَلَيْهِمُ الهَلَاكَ، وَحَمَلَ الحَدِيثَ عَلَى آبَارِ الصَّحْرَاءِ الَّتِي تُتَّخَذُ فِي الأَرَضِينَ الغَيْرِ مُتَمَلَّكَةٍ، فَرَأَى أَنَّ صَاحِبَهَا - أَعْنِي: الَّذِي حَفَرَهَا - أَوْلَى بِهَا، فَإِذَا رَوَتْ مَاشِيَتُهُ تَرَكَ الفَضْلَ لِلنَّاسِ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ البِئْرَ لَا تتمَلَّكُ بِالإِحْيَاءِ) (١).

يعني: لو أنَّ إنسانًا احتاج إلى الماء فمنعَه، فإنَّ هذا لا يجوز، بل يجب عليه أن يدفعه إيَّاه، وله بعد ذلك أن يُطالبَه بالقيمة إذا احتاج، لا سيَّما إذا كان يُخشى عليه من الهلاكِ فيجب أن يُقدِّم له الماء.


(١) يُنظر: "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد (١١/ ٥) قال: "قال مالك: ومعنى ذلك في آبار الماشية؛ لأنه إذا منع فضل الماء لم يرع ذلك الكلأ الذي بذلك الوادي إذا لم يجد ما يسقي به، فصار منعًا للكلإ، وذلك في آبار الماشية التي في الفلوات لا تباع ولا تورث، وصاحبها الذي احتفرها أو ورثته أحق بمائها يسقون منها قبل غيرهم، ثم ليس لهم منع الناس أن يسقوا بفضلها. قال ابن حبيب: وهو قول ابن الماجشون. وقال ابن عبد الحكم: وهو قول جميع أصحابنا وهو قول مالك".

<<  <  ج: ص:  >  >>