للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا يَوْمًا، فَيَرْوِي زَرْعَ أَحَدِهِمَا فِي بَعْضِ يَوْمِهِ، وَلَا يَرْوِي فِي اليَوْمِ الَّذِي لِشَرِيكِهِ زَرْعَه، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَلَّا يَمْنَعَ شَرِيكَهُ مِنَ المَاءِ بَقِيَّةَ ذَلِكَ اليَوْمِ) (١).

هذه من التفسيرات التي ذكرها العلماء: بئرٌ تكون بين اثنين - وقد أدركتُ البئرَ فكانت تُحفَر في البيوت فتسقي في جهةٍ لأهل هذا البيت، وفي جِهة أهل البيت الآخر، وربما هذه المزرعة وهذه المزرعة - فهذا يستقي يومًا وهذا يستقي يومًا، وربما هذا لا يحتاج إلى السقي، فلماذا يمنع جارَه من أن يسقي ذلك اليوم المستغني فيه عن السقي؟! وبعضهم فسَّر الحديثَ بهذا المعنى.

* قولُهُ: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَأْوِيلُ ذَلِكَ فِي الَّذِي يَزْرَعُ عَلَى مَائِهِ، فَتَنْهَارُ بِئْرُهُ وَيجَارِهِ فَضْلُ مَاءٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ فَضْلَ مَائِهِ إِلَى أَنْ يُصْلِحَ بِئْرَه، وَالتَّأوِيلَانِ قَرِيبَانِ).

وهذا فيه شيءٌ من التعاون على الخير، وعلى البر والتقوى؛ فكيف ترضى نفسُ المسلمَ أن يرى فسادَ بئر جاره، وموتَ زرعِه، وهلاكَ ماشيته وعنده فضل ماء؟!

فهذا ليس من الشِّيم الكريمة، فكيف يكون من آداب الإسلام وأحكامه؟

* قولُهُ: (وَوَجْهُ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُمْ حَمَلُوا المُطْلَقَ فِي هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ


(١) يُنظر: "مغني المحتاج" للرملي (٣/ ٥٢٠)، قال: أما إذا اتسع ماء القناة أو العين بحيث يحصل لكل قدر حاجته، لم يحتج لما ذكر (ولهم) أي: الشركاء (القسمة مهايأة)، وهي أمر يتراضون عليه كأن يسقي كل منهم يومًا، أو بعضهم يومًا وبعضهم أكثر بحسب حصته، ويستأنس لذلك بقوله تعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: ١٥٥]، وكَسَائر الأملاك المشتركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>