للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه ورد في ذلك أحاديث ذكرنا بعضها؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي المَاءِ وَالكَلأِ وَالنَّارِ" (١).

ولقد أساء أولئك القوم الذين قالوا: هذا دليل على الاشتراكية، وأخذوا به ودندنوا، وهذا في الحقيقة لعدم فهمهم لسُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالاشتراكيَّة هي أن تستولي على حقوق الناسِ وعلى أموالهم. وسيأتي الحديثُ القادم - بعد هذا - ليُبطل هذا القول.

وأنت ترى - بحمد الله - أن ذلك المنهج قد فشل؛ لأنَّ حقيقةَ كُلِّ منهج يأتي على غير منهج هذه الشريعة - وبخاصَّة إذا أخذ به من ينتسبون إلى الإسلام - فمصيره طال الزمان أو قَصُر إنما هو الفشل أيضًا.

* قولُهُ: (وَبَعْضُهُمْ خَصَّصَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ بِمُعَارَضَةِ الأُصُولِ لَهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ أَحَدٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْه، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الإِجْمَاعُ (٢)).

هذا حديثٌ صحيح يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ" (٣).

إذًا: لا يجوزُ لأحدٍ أن يعتديَ على مالِ غيرِه؛ كما قال تعالى: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠].

* قولُهُ: (وَالَّذِينَ خَصَّصُوا هَذَا المَعْنَى، اخْتَلَفُوا فِي جِهَةِ تَخْصِيصِهِ، فَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ البِئْرَ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، يَسْقِي


(١) أخرجه أبو داود (٣٤٧٧) وابن ماجه (٢٤٧٢) وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٤٥٩).
(٢) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لأبي الفضل الموصلي الحنفي (٣/ ٥٩) قال: وقال عليه الصلاة والسلام: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه"، وعلى حرمته بالإجماع، وهو من المحرمات عقلًا؛ لأن الظلم حرام عقلًا على ما عرف في الأصول.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٠٦٩٥)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>