للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالبيع، وهي حالة السوم قبل صدور الإيجاب والقبول، أما بعد الإيجاب والقبول فيطلق لفظ: "المتبايعين" عليهما مجازًا، فالعاقدان إذا أبرمَا البيع وتراضيَا؛ فقد وقع البيع، فليسَا متبايعين في هذه الحال في الحقيقة، كما هو الشأن في سائر أسماء الفاعل.

ويجاب عن هذا: بأن إطلاق البائعين على العاقدين بعد صدور الإيجاب والقبول حقيقة لغة وشرعًا، وإطلاق ذلك على العاقدين قبل صدور الإيجاب والقبول مجاز، عكس ما يقوله نفاة خيار المجلس، دليل ذلك من حيث اللغة: أن البائع والبيع مشتق من الفعل، والأسماء المشتقة من الأفعال لا تطلق على مسمَّياتها إلا بعد وجود الفعل، كالقاتل، والزاني، والسارق، فإنها لا تتناول المسمى إلا بعد وجود القتل والسرقة والزِّنا، فكذلك البيع لا يطلق عليه اسم البائع إلا بعد وجود البيع منه، والبيع يوجد بعد إتمام العقد بالإيجاب والقبول، لا قبله.

التأويل الثاني: قولهم: إن المراد بالتفرُّق بالحديث التفرُّق بالأقوال، لا التفرق بالأبدان لقوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: ١٣٠].

ويناقش هذا القول من وجوه:

أولًا: حمل التفرق على الأقوال، وليس على الأبدان من قبيل المجاز، ولا يتحول إلى المجاز إلا عند تعذُّر حمله على الحقيقة.

ثانيًا: لا يقبل أن يكون اتِّفاق الإيجاب والقبول، وتطابقهما من قبيل التفرق، بل ذلك من قبيل التوافق والاتفاق.

ثمَّ إن حديث ابن مسعود الذي اعتمدوا عليه ضعيف لا يقوى على ردِّ حديث ابن عمر المروي في "الصحيحين".

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>