للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تأتيه مثلًا هدايا أو بضائع طيبة، فيقدم له نوعًا من الثياب أو اللباس أو الكتب أو غير ذلك لا يريد عليه شيئًا، لكنْ ثمة أناس يذهبون إلى أناس من الأعيان فيهدون إليهم وهم يريدون أكثر من ذلك، فالهبة التي لا يراد من ورائها مقابل هبة لغير ثواب، والأخرى هبة ثواب.

* قولُهُ: (وَأَمَّا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ مِنَ الْعُقُودِ، (أَعْنِي: مَا جَمَعَ قَصْدَ الْمُكَارَمَةِ (١)، وَالْمُعَاوَضَةِ (٢)، مِثْلُ هِبَةِ الثَّوَابِ).

يعني أن هبة الثواب جمعت بين الوصفين، فعندما يهدي إنسان إنسانًا هديةً فلا شك أن ظاهره المكارمة، أي: إرادة إكرامه، لكن في قلبه وفي نيته شيء آخر، يقول: هات، ولا يقنع بما يساوي هديته، كما في قصة الثقفي، إذ ظل الرسول يعطيه وهو يطلب المزيد حتى قال: "لا أقبل هدية … " (٣)، فهذا له غاية وغرض، وما أكثر أمثال هؤلاء في هذا الزمان!

وعلى أية حال فالذي يهدي وفي ذهنه أن يعطى، أخف ممن يذهب يطالب إذا لم يؤت.

* قولُهُ: (فَالْأَظْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ فِيهَا بِوُجُودِ الْعَيْبِ، وَقَدْ قِيلَ: يُحْكَمُ بِهِ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ مُفْسِدًا (٤)).


(١) "المُكارَمة أصلها: أَنْ تُهْدِيَ لإنْسانٍ شَيْئًا ليُكافِئَك عليه، فهيَ مُفاعَلة منَ الكَرم".
انظر: "النهاية"، لابن الأثير (٤/ ١٦٧).
(٢) "المعاوضة: بضم الميم وفتح الواو من اعتاض، ومنه: أخذ العوض، أي: البدل. وعقد المعاوضة: عقد يعطى كل طرف فيه نفس المقدار من المنفعة التي يعطيها الطرف الآخر". انظر: "معجم لغة الفقهاء"، لمحمد رواس قلعجي، وحامد صادق قنيبي (ص ٤٣٨).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) قال ابن يونس: "ومن المدونة قال ابن القاسم: وإذا وجد الموهوب بالهبة عيبًا فله ردها وأخذ العوض - يريد: إن لم تفت، وإن فاتت بحوالة سوق فأعلى وهو عرض أو حيوان فعليه قيمته - وإن وجد الواهب بالعوض عيبًا، فإن كان عيبًا مفسدًا لا يتعاوض الناس بمئله كالجذام والبرص فله رده وأخذ الهبة إن لم تفت إلا أن يعوضه مثل قيمتها، فإن لم يكن العيب فادحًا، نُظر إلى قيمة العوض بالعيب، فإن كان كقيمة الهبة فأكثر لم يجب له غيره؛ لأن ما زاده أولًا على قيمة الهبة تطوع غير لازم، وإن كان قيمة العوض معيبًا أقل=

<<  <  ج: ص:  >  >>