للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أجمل أن تحصد دعوات وثناءات من المهدى إليه! "من أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه" (١) إذا صنع لك إنسان صنيعًا طيبًا، وأسدى إليك عملًا جليلًا، دافع عنك بظهر الغيب، أو قدم لك مشورة نصحًا، فأقل ما تقدمه له أن تسأل الله سبحانه وتعالى أن يكافئه عن ذلك العمل، وأن يجزيه عليه خير الجزاء، وهذا هو غاية ما يسعى إليه الإنسان.

* قولُهُ: (كَمَا أَنَّ الْعُقُودَ الَّتِي لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمُعَاوَضَةَ لَا خِلَافَ أَيْضًا فِي أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْعَيْبِ فِيهَا) (٢).

لو أن إنسانًا أهداك هدية، أو قدم لآخر صدقة، فوجد فيها نقصًا، فليس له أن يحتج عليه؛ {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} لأنها ليس فيها معاوضة، هو أعطاك إياها لا يريد جزاءً منك، فإذا وجد الحيب فليس لك أن تطالبه بشيء، إلا أن تذهب إليه إن كان لا يدري فتقول: ما قدمته لي أخي الكريم فيه كذا وكذا. فلعله يبدلها لك، لكن الذي يريده المؤلف أن ليس فيها حكم ملزم.

* قولُهُ: (كَالْهِبَاتِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ، وَالصَّدَقَةِ).

يعني الهبات التي لا يرجى من ورائها مقابل، ومثال ذلك أن يصنع إنسان طعامًا فيعطيه صديقه، أو تأتيه فاكهة طيبة فيقدم لصديقه أو لجاره،


= العوض فيها أكثر من قيمة الموهوب، وهذا ينافي الرد بالعيب لمدة؛ لأن مقتضى ذلك المسامحة والمكايسة". "المنتقى شرح الموطإ" (٤/ ١٨٨).
(١) أخرجه أبو داود (١٦٧٢) عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ استعاذَ بالله فأعيذُوه، ومَنْ سألَ بالله فأعطُوه، ومَن دعاكم فأجيبوه، ومَن صَنعَ إِلَيكم مَعرُوفًا فكافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئونَهُ فَادْعُوا لَه حتى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ".
وصححه الألباني في: "إرواء الغليل" (١٦١٧).
(٢) يُنظر: "شرح التلقين" للمازري: (٢/ ٦١٨) والعقد الذي طريقه الصلة المحضة؛ كالهبة والصدقة، لا يتصوَّر فيه حكم الرد بالعيب؛ إذ لا عوض له يرتجعه بالرد بالعيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>