للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن شهاب الزهري، وهو من أعلم الناس بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن رواة الحديث المكثرين، وقد وكل إليه عمر بن عبد العزيز أن يجمع أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو من الفقهاء السبعة الذين ينسب إليهم القول بهذه أو بالعهدتين، ومع ذلك قال: لا أعلم في ذلك أثرًا (١).

فالحديث رده الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد، لما تقدم، ولم يعملوا به، وقالوا: إنه حديث معلول لم يصح، وإذا كان الحديث ضعيفًا فلا ينبغي أن تبنى عليه أحكام في الشريعة، وخاصة أنه خالف الأصول التي سبق ذكرها، فقد علم أن أي خلل يحصل في المبيع قبل قبضه فهو من ضمان البائع، وإذا حصل فيه عيب بعد تسلمه فإنه يكون من ضمان المشتري، وقد جاءت في ذلك أحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سبق تناولها، ومنها الحديث المتفق عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه" (٢).

* قولُهُ: (فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ الْحَسَن، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ"، وَرُوِيَ أَيْضًا: "لَا عُهْد بَعْدَ أَرْبَعٍ").

الأول رواه الترمذي (٣)، والإمام أحمد، وابن ماجه (٤)، والثاني رواه


= فالقول قول البائع مع يمينه، وإن لم يكن حدوث مثله عند المشتري رد على البائع، هذا قول الشافعي. وقال الثوري: فيما لا يحدث مثله، يرده بغير بينة ويحلف المشتري أنه لم يره، ولم يرضَ به بعد أن رآه، ولم يعرضه على البيع بعد أن رأى الدار. قال أبو بكر: ويقول الشافعي أقول، ولا يثبت في العهدة حديث".
(١) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (٧/ ٢٧٨)، حيث قال أبو محمد: "وقد روى ابن جريج أنه سأل الزهري عن عهدة الثلاث والسنة؟ فقال: ما علمت فيه أمرًا سالفًا".
(٢) أخرجه البخاري (٢١٢٦)، ومسلم (١٥٢٦).
(٣) لم أقف عليه عند الترمذي.
(٤) سبق ذكر روايتي أحمد وابن ماجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>