للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّتْ - مُخَالِفَة لِلْأُصُولِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُصِيبَةٍ تَنْزِلُ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهِيَ مِنَ الْمُشْتَرِي).

قولُهُ: (قبل قبضه) أعتقد أن هذا خطأ، وإنما الصواب (بعد قبضه)؛ لأنه لو كان قبل قبضه لكان حجة لهم (١)، فثمة أخطاء كبيرة يترتب عليها تغير المعنى، (قبل قبضه) هذا يؤيد هذا المذهب ويخالف أحاديث رسول الله فيكون عكس الإجماع، فالإجماع على أن أي خلل يحصل في العيب بعد قبضه يكون من مسؤولية المشتري وضمانه (٢)؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع"، يعني: اشترى "طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه" (٣). وفي بعض الروايات: "حتى يقبضه" (٤).

ومعنى "يستوفيه" أي: يقبضه، وحديث عبد الله بن عمر الذي أخرجه


(١) قال العمراني: "وإن اشترى شيئًا ولا عيب فيه، ثم حدث به عيبٌ بعد الشراء .. نظرت: فإن كان قبل أن يقبضه المشتري .. ثبت له الرد؛ لأجل ذلك العيب، ولأن المبيع مضمون في يد البائع عليه بالثمن، فكان العيب الحادث فيه في هذا الحال كالعيب الموجود حال العقد. وإن حدث العيب في يد المشتري .. نظرت: فإن لم يستند حدوثه إلى سبب قبل القبض .. لم يكن له الرد، وبه قال أبو حنيفة". انظر: "البيان" (٥/ ٢٧٨).
(٢) هذا إذا كان التفريط من المشتري.
قال ابن القطان: "وإذا وقف المشتري على العيب فعمل في السلعة ما نقصها، لم يكن له الرد؛ باتفاق الأمة أن الرجل إذا اشترى أمة فوجد بها عيبًا، فوطئها بعد وقوفه على العيب لم يكن له ردها". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢/ ٢١٥).
أما إذا وقف على العيب بعد البيع وكان من البائع، فأجمعوا على أنه له الرد.
يُنظر: "الإقناع" لابن المنذر (١/ ٢٦٥) حيث قال: "وأجمع أهل العلم: على أنه إذا باعه سلعة لم يرها المشتري ووصفها له البائع فالبيع جائز، فإن وجدها عَلَى الصفة فلا خيار لَه، وإن وجدها على غير الصفة كان له الخيار، إن شاء أمسك، وإن شاء ردَّ بما يكون ذلك له في العيب يجده بالسلعة".
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري (٢١٣٣)، ومسلم (١٥٢٦) عن عبد الله بن دينار، قال: سمعت ابن عمر - رضي الله عنهما -، يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه".

<<  <  ج: ص:  >  >>