للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم وغيره أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان في البقيع، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى ينقلوه من مكانه (١). فالصحيح هنا: (بعد).

* قولُهُ: (فَالتَّخْصِيصُ لِمِثْلِ هَذَا الْأَصْلِ الْمُتَقَرِّرِ إِنَّمَا يَكُونُ بِسَمَاعٍ ثَابِتٍ).

كأن المؤلف يقول: عندنا أصل ثابت، وهذا الأصل بني على نصوص، وهي أحاديث متعددة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مر ذكر شيء منها، فهذه المسألة إذن لو عمل بها لكانت استثناءً من هذا الأصل المجمع عليه، والإجماع بني على أدلة صحيحة؛ لأن الإجماع قد يكون معتمدًا أو مبنيًّا على نص، وهو الذي يسمى بالإجماع السماعي، وهناك إجماع سكوتي، وهو الذي يكون له دليل لكننا لا نعرفه، لم نقف عليه (٢)، فلمخالفة الأصل المجمع عليه المبني على أدلة لا بد من دليل صحيح حتى يكون صالحًا لتخصيص تلك الأدلة، ولما كان الدليل الذي احتج به المالكية غير صحيح، فإنه لا يصلح لتخصيص ما مر بنا.

* قولُهُ: (وَلهَذَا ضُعِّفَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ أَنْ يُقْضَى بِهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُرْفًا فِي الْبَلَدِ، أَوْ يُشْتَرَطَ).

كأن المؤلف يقول: لما كان هذا القول أو هذا الحكم الذي انفرد به


(١) هذا الحديث لم يخرجه مسلم، إنما أخرجه البخاري (٢١٢٣)، عن ابن عمر: "أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه، حتى ينقلوه حيث يباع الطعام".
(٢) لعل الشارح يقصد بالسكوتي هنا الظني الذي هو مقابل القطعي. يُنظر: "شرح مختصر الروضة"، للطوفي (٣/ ١٢٦)، حيث قال: "الإجماع إما نطقي من الكل، أو سكوتي، وكلاهما تواتر، أو آحاد، والكل حجة، ومراتبها متفاوتة. فأقواها: النطقي تواترًا، ثم آحادًا، ثم السكوتي كذلك فيهما. وقيل: لا يثبت الإجماع بخبر الواحد، لأنه ظني، فلا يثبت قاطعًا. لنا: نقل الخبر الظني موجب للعمل، فنقل الإجماع القطعي أولى، ولأن الظن متبع في الشرع، وهو حاصل بما ذكرنا، ثم مستند الإجماع بالجملة ظني، إذ هو ظواهر النص".

<<  <  ج: ص:  >  >>