للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهة الإمام الشافعي، وأنه - رحمه الله - في حقيقة الأمر يأخذ به، لكنه - رحمه الله تعالى - لا يأخذ بالاستحسان الذي لا يبنى على أصل من أصول الشريعة، وهذا هو منهج الأئمة جميعًا.

* قولُهُ: (وَاخْتُلِفَ عَنْهُ هَلْ يُعْتَبَرُ تَأْثِيرُ الْعَيْبِ فِي قِيمَةِ الْجَمِيعِ أَوْ فِي قِيمَةِ الْمَعِيبِ خَاصَّةً (١)؟ وَأَمَّا تَفْرِيقُ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ أَنْ يَقْبِضَ أَوْ لَا يَقْبِضَ، فَإِنَّ الْقَبْضَ عِنْدَهُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ تَمَامِ الْبَيْعِ).

هذا في الحقيقة لم يكن شرطًا عند أبي حنيفة وحده، بل هو شرط عند الأئمة جميعًا، ولقد اطلعنا على أحاديث كثيرة في ذلك تكرر مرورها، ومنها قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه"، وفي رواية: "حتى يقبضه" ومعنى "يستوفيه" يقبضه (٢).

* قولُهُ: (ومَا لَمْ يُقْبَضِ الْمَبِيعُ فَضَمَانُهُ عِنْدَهُ مِنَ الْبَائِعِ، وَحُكْمُ الاسْتِحْقَاقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ) (٣).


(١) يُنظر: "المدونة" لابن القاسم (٤/ ٢٩٤ - ٢٩٣)، حيث قال: "قال مالك في الرجل يبيع الدار ثم يجد المشتري بها عيبًا، أو يستحق منها شيء، قال: إن كان الذي وجد به عيبًا واستحق من الدار الشيء التافه، مثل البيت يكون في الدار العظيم … فإن ذلك يرجع بحصته من الثمن ويلزمه البيع فيما بقي، وإن كان جل ذلك رده. فكذلك القسمة والدار الواحدة والدور الكثيرة إذا أصاب بها عيبًا، سواء على ما فسرت لك، إن كان الذي أصاب العيب يسيرًا رد ذلك الذي أصاب به العيب بحصته من الثمن، ويلزمه ما بقي ويرجع على صاحبه بالذي يصيبه من قيمة ما بقي في يده، ولا يرجع عليه في شيء مما في يديه فيشاركه فيه، فإنما له قيمة ذلك ذهبًا أو ورقًا، كان حظ صاحبه قائمًا أو فائتًا. قلت: وكذلك لو اقتسماه … فأصاب أحدهما في بعض ما صار له عيبًا، فأصاب ذلك في الجوهر وحده أو في بعض العطر، أيكون له أن يرد جميع ما صار له في نصيبه، أو يرد هذا الذي أصاب به العيب وحده؟ قال: ينظر في ذلك، فإن كان الذي أصاب به العيب هو وجه ما صار له؟ رد جميعه بحال ما وصفت لك، وإن لم يكن ذلك رد ذلك وحده بعينه بحال ما وصفت لك". وانظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٣/ ١٣٤ - ١٣٥).
(٢) سبق تحرير هذه المسائل وتخريج الأحاديث.
(٣) ذكر السرخسي سبب اختيارهم وتفريقهم بين قبل القبض وبعده، فقال: "لو حدث=

<<  <  ج: ص:  >  >>