للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشير المؤلف هنا إلى مسألةٍ وهي إذا ما تعيب المبيع عند المشتري، ثم تبين أن به عيبًا آخر كان قد حصل عند البائع، ولم يعلم به - أو لم يكتشفه - إلا بعد حصول هذا العيب؛ فإن كان البائع قد علمه وكتمه فهو آثم وإلا فلا إثم عليه؛ لكن اختلفوا: هل يرد المشتري المبيع، أو يأخذ أرش النقص؟ إذ قد صار في المبيع عيبان، عيب حصل عند البائع، وعيب طرأ عند المشتري.

* قولُهُ: (فَأَمَّا إِنْ تَغَيَّرَ بِمَوْتٍ أَوْ فَسَادٍ أَوْ عِتْقٍ: فَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّهُ فَوْت (١)).

"إِنْ تَغَيَّرَ بِمَوْتٍ"، يعني: مات أو قتل - والقتل مثل الموت خلافًا لأبي حنيفة فإنه يستثنيه (٢) - أو تغير بعتق أو بفساد أو بوقف، إذا أوقف سلعةً أو دارًا أو دابةً أو غير ذلك ثم تعيبت.

إذًا هذه أحوال لم يتبين العيب فيها إلا بعد أن خرج المبيع من ملكه أو انتقل إلى مالك آخر، وفقهاء الأمصار على أنه فوت، أي: سقط حقه، لأنه خرج من ملكه فلا يطالب به.

* قولُهُ: (وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ) (٣).


(١) الفوت في اللغة: هو ذهاب الشيء. والتفاوت الاختلاف والاضطراب. وهذا الأمر لا يفتات: أي: لا يفوت. انظر: "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (٩/ ٥٤٠).
أما في الاصطلاح فهو: تضييع منفعة العين المملوكة كإمساك عين لها منفعة يستأجر لها. انظر: "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص ٢٦٥).
(٢) يُنظر: "التجريد" للقدوري: (٥/ ٢٤٧٤) قال: قال أصحابنا: إذا اشترى عبدًا فقتله، أو طعامًا فأكله، ثم اطلع على عيب، لم يرجع بأرشه. وقال أبو يوسف ومحمد: يرجع في الأكل، ولا يرجع في القتل. وقال الشافعي: يرجع فيهما. لنا: أنه بيع تم نقل الملك فيه بفعل مضمون من جميع الأحوال؛ فلم يكن له الرجوع بأرش العيب. أصله: إذا وهبه وإذا أمسكه وقال: لا أرده إذا عتق؛ لأن العتق ليس بفعل مضمون في جميع الأحوال؛ ألا ترى: أنه لا يضمن حال الاعتبار، ولا يضمن المريض إذا أعتق في مرض موته.
(٣) مذهب الأحناف، يُنظر: "تبيين الحقائق" لفخر الدين الزيلعي (٤/ ٣٥، ٣٦)، حيث قال: " (أو مات العبد أو أعتقه) أي: الخياطة ونحوها لا تمنع الرجوع بنقصان =

<<  <  ج: ص:  >  >>