للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مُدَلِّسًا رجع الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي فِي الثَّمَنِ، وَالثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا) (١).

يعني: إن رجع فباع على الذي اشترى منه فلا يخلو من ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يبيعه بنفس الثمن الذي اشتراه به، فلا رجوع له بالعيب إذًا.

الحالة الثانية: أن يبيعه عليه بثمن أقل فيرجع عليه بفارق السعر - وهو ما يعرف بالأرش.

الحالة الثالثة: أن يبيعه عليه بزيادة، فإن كان البائع الأول مدلسًا فلا حق له، وإن كان غير مدلس فإنه يرجع عليه.

وفي نظري أن مذهب الأئمة الثلاثة أوضح في هذه المسألة وأقرب؛


= يُنظر: "العدة شرح العمدة" لبهاء الدين المقدسي (ص ٢٥٥) حيث قال: "وإن تلف المبيع أو تعذر الرد، وكذا إن باعه أو وهبه وهو غير عالم بعيبه نص عليه؛ لأن البائع لم يوفه ما أوجبه له العقد، فكان له الرجوع عليه كما لو أعتقه، وإن فعل ذلك مع علمه بالعيب فلا أرش له لرضاه به معيبًا حيث تصرف فيه مع علمه بعيبه ذكره القاضي، وعنه في البيع والهبة له الأرش، ولم يعتبر علمه وهو قياس المذهب؛ لأننا جوزنا له إمساكه بالأرش وتصرفه فيه كإمساكه، وذكر أبو الخطاب رواية فيمن باعه ليس له شيء؛ لأنه استدرك ظلامته ببيعه فلم يكن له أرش كما لو زال العيب، فإن رد عليه المبيع كان له حينئذٍ الرد أو الأرش كما لو لم يبعه أصلًا". وانظر: "الإنصاف" للمرداوي (٤/ ٤١٩).
(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (٤/ ١٩١) وفيه قال: "فإن خرج عن ملكه قبل الرد بالعيب بعوض؛ كالبيع أو الهبة للثواب، فلا يخلو أن يبيعه من بائعه أو غيره، فإن باعه من بائعه منه بمثل الثمن فلا تراجع بينهما في تدليس ولا غيره، وإن كان بأقل من الثمن رجع عليه ببقية الثمن إلا بالأقل من البقية أو قيمة العيب، وجه ذلك ما احتج به في "المدونة" أنه لو كان عنده لرد عليه ورجع بجميع ذلك، وقد رده إليه، فكان له استيفاء جميع الثمن، وإن كان باعه منه بأكثر من الثمن الأول، فإن كان مدلسًا فلا رجوع للبائع الأول على الثاني، وإن لم يكن مدلسًا رده البائع الأول على الثاني، ثم رده عليه الثاني؛ فيكون التراجع بينهما في الثمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>