للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقَارَّ (١) الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى حَالَةٍ مِنْ هَذه الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ هَاهُنَا وَجَبَ الْحُكْمُ الْخَاصُّ بِتِلْكَ الْحَالِ).

أي: إذا ادعى أحد المتبايعان أن السلعة قد تعيبت عند الآخر فأقر بذلك، وهذا هو الذي يجب أن يكون عليه المؤمن.

* قوله: (فَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ دَعْوَى القَائِمِ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يُنْكِرَ وُجُودَ الْعَيْبِ، أَوْ يُنْكِرَ حُدُوثَهُ عِنْدَهُ).

قوله: (فإن أنكر البائع دعوى القائم) يعني أنكر هذه الدعوى التي أقامها المشتري، وهي على قسمين:

الأول - ولم يذكره المؤلف -: ما لا يحتمل كذب واحد منهما، لأنه إذا نظر في هذا العيب عرف إن كان حصل عند البائع أو عند المشتري، كما لو ادعى المشتري أن هذا المملوك فيه زيادة أصبع، فهذا لا يمكن إنكاره، ولو أنكره البائع فإنه لا يسلم له إنكاره، لأنه أمر ظاهر، أو كانت به شجة قد اندملت (٢) ومضى عليها وقت طويل فادعاها المشتري ولا يمكن أن تحصل عنده، أو حصل جرح ولا يزال طريًّا وقد مضى وقت طويل على شراء السلعة فلا يمكن أن يكون قد حصل ذلك عند البائع. فهذه حالات الأمر فيها واضح لا نحتاج إلى مطالبة أحدهما ببينة (٣).

الثاني: ما يدخله الاحتمال؛ فينكر البائع وجود العيب، وينكر


(١) أي: استقرا. يقال: فلان ما يتقار في مكانه، أي ما يستقر. وأصل تَقَارَّ: تَقَارَرَ، أدغمت الراء. وأَقَرَّه فيه وعليه إقرارًا فاستقرَّ وقَرَّرَه فَتَقَرَّرَ. انظر: "تاج العروس" (١٣/ ٣٩٢).
(٢) اندَمَلَ: أي تَماثَلَ من العِلَّةِ والجُرْح. انظر: "العين" للخليل الفراهيدي (٨/ ٤٧).
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير على متن المقنع" لابن قدامة (٤/ ٩٨) حيث قال: "إذا اختلف المتبايعان في العيب هل كان في المبيع قبل العقد أو حدث عند المشتري؟ فإن كان لا يحتمل إلا قول أحدهما؛ كالإصبع الزائدة والشجة المندملة التي لا يمكن حدوث مثلها والجرح الطارئ الذي لا يمكن كونه قديمًا، فالقول قول من يدعي ذلك بغير يمين؛ لأنا نعلم صدقه فلا حاجة إلى استحلافه، وإن احتمل قول كل واحد منهما؛ كالخرق في الثوب والرفو ونحوهما ففيه روايتان".

<<  <  ج: ص:  >  >>