للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري حدوثه عنده، فهل يُقدم قول البائع أو قول المشتري؟ ذهب أحمد - كما في رواية عنه - إلى أن القول قول المشتري، لأن الأصل عدم حدوث العيب (١). وذهب جماهير العلماء من الحنفية (٢) والشافعية (٣) - وهو


(١) ينظر: "المبدع في شرح المقنع" لابن مفلح (٤/ ٩٧، ٩٨) حيث قال: " (وإن اختلفا في العيب هل كان عند البائع، أو حدث عند المشتري) وكان محتملًا لقول كل منهما؛ كالخرق في الثوب ونحوه (ففي أيهما يقبل قوله: روايتان) وكذا في "الفروع" إحداهما: يقبل قول المشتري مع يمينه، وهي اختيار الخرقي، وجزم بها في "الوجيز" لأن الأصل عدم القبض في الجزء الفائت، فكان القول قول من ينفيه، كما لو اختلفا في قبض المبيع ويمينه على البت فيحلف أنه اشتراه وبه العيب، أو أنه ما حدث عنده. والثانية: يقبل قول البائع مع يمينه وهي أنصهما. واختارها القاضي في الروايتين، وأبو الخطاب، وقدمها في "المحرر"؛ لأن الأصل سلامة المبيع وعدم استحقاق الفسخ، ويمينه على حسب جوابه".
(٢) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٣/ ٢٩) حيث قال: "ولو كان المشتري قبض العبدين، فمات أحدهما عنده وجاء بالآخر يرده بالعيب، فاختلفا في قيمة الميت؛ كان القول قول البائع مع يمينه؛ لأن المشتري هنا قبض جميع المعقود عليه".
ومذهب المالكية، ينظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (٨/ ٣٢٩): "قال ابن القاسم: قال مالك: إن وجد المشتري به عيبًا قديمًا لا يحدث في مثل ما كان عنده أو مثله يحدث، إلا أن البينة تشهد أنه كان به عند البائع، وحدث به عند المبتاع عيب آخر مثله يحدث ويقدم قيل للمبتاع: احلف، فإن حلف رده، ولا شيء عليه، وإن نكل عن اليمين قيل للبائع: احلف أنك لا تعلم هذا العيب كان عندك، فإن حلف لزم المبتاع ذلك العيب الذي نكل عنه المشتري أولًا، وكان المشتري مخيرًا بين أن يرده بالعيب ويرد قيمة العيب، وبين أن يمسكه ويأخذ قيمة العيب القديم، وإن نكل البائع أيضًا لزمه العيبان جميعًا، وكان المبتاع مخيرًا بين أن يمسكه ولا شيء له، وبين أن يرده ولا شيء عليه".
قال أبو الوليد بن رشد: "هذه مسألة صحيحة بينة حسنة في المعنى، ولا اختلاف في شيء منها … والعيب الذي يحدث ويقدم القول فيه قول البائع إلا أن يكون فيه عيب آخر قديم، فيكون القول في الذي يحدث ويقدم قول المبتاع لوجوب الرد له بالعيب القديم، هذا قوله في هذا الرسم".
(٣) يُنظر: "البيان" للعمراني (٥/ ٣٧٢) حيث قال: "إذا اشترى عبدًا ووجد فيه عيبًا، فادَّعى المشتري أنه كان موجودًا بالعبد في يد البائع، وقال البائع: بل حدث عندك … ففيه ثلاث مسائل: إحداهنَّ: إذا كان لا يمكن حدوثه في يد المشتري، مثل: أن يوجد للعبد أصبع زائدة تضر بالعبد، أو شجة مندملة، وللشراء وقتٌ لا يندمل مثل تلك الجراحة فيه … فالقول قول المشتري هاهنا بغير يمين. الثانية: إذا كان العيب مما لا يمكن حدوثه في يد البائع، مثل: أن يقيم العبد في يد المشتري =

<<  <  ج: ص:  >  >>