للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح من مذهب أحمد (١) - إلى أن القول قول البائع، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى أناس دماء رجال وأموالهم؛ ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر" (٢)، والمدعي هنا هو المشتري، لأنه يطالب البائع بعيب حصل عنده.

ويشهد لذلك ما رواه مالك في "الموطأ" عن سالم بن عبد الله: "أنَّ عبد الله بن عمر باع غلامًا له بثمانمائة درهمٍ وباعه بالبراءة، فقال الّذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالغلام داءٌ لم تسمِّه لي، فاختصما إلى عثمان بن عفَّان، فقال الرَّجل: باعني عبدًا وبه داءٌ لم يسمِّه، وقال عبد الله: بعته بالبراءة؛ فقضى عثمان بن عفَّان على عبد الله بن عمر أن يحلف له: لقد باعه العبد وما به داءٌ يعلمه. فأبى عبد الله أن يحلف وارتجع العبد فصحَّ عنده، فباعه عبد الله بعد ذلك بألفٍ وخمسمائة درهمٍ" (٣).

* قوله: (فَإِنْ أَنْكَرَ وُجُودَ الْعَيْبِ بِالْمَبِيعِ: فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَسْتَوِي فِي إِدْرَاكِهِ جَمِيعُ النَّاسِ كَفَى فِي ذَلِكَ شَاهِدَان عَدْلَان مِمَّنِ اتَّفَقَ مِنَ النَّاسِ (٤)، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِعِلْمِهِ أَهْلُ صِنَاعَةٍ مَا، شَهِدَ بِهِ أَهْلُ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ).

أي: إن كان العيب من العيوب التي يستوي في معرفتها جميع الناس


= سنة أو شهرًا، فيأتي وبه شجَّة طريَّة … فالقول قول البائع هاهنا بغير يمين. الثالثة: إذا كان العيب مما يمكن حدوثه في يد كلِّ واحد منهما، مثل: أن يشتري منه ثوبًا، فقبضه، فأقام، فوجد فيه خرقًا أو مرفوءًا … فإن البائع إذا أنكر ذلك … فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الأصل سلامة المبيع حال العقد، وعدم العيب فيه".
(١) سبق ذكره.
(٢) أخرجه البخاري (٤٥٥٢)، ومسلم (١٧١١)، واللفظ له.
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (٤/ ٨٨٥).
(٤) يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (٤/ ١٩٣) حيث قال: "ولا يخلو أن يكون العيب مما يطلع عليه الرجال أو مما لا يطلع عليه الرجال، فإن كان مما يطلع عليه الرجال فقد قال محمد وغيره: لا يثبت إلا بقول عدلين من أهل العلم بتلك السلعة وعيوبها".

<<  <  ج: ص:  >  >>