للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكفي في ذلك شاهدان عدلان، وإن كان من العيوب التي لا يدركها إلا أهل الصنعة وأهل الخبرة، كالتجار والأطباء، وكذلك أيضًا العيوب التي لا يدركها إلا النساء في الأمور التي لا يطلع عليها إلا النساء، فإنه يرجع إليهم في هذا الحكم؛ لأن العادة محكمة.

(فَقِيلَ فِي الْمَذْهَب: عَدْلَانِ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْعَدَالَةُ وَلَا الْعَدَدُ وَلَا الْإِسْلَامُ (١). وَكَذَلِكَ الْحَالُ إِنِ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ مُؤَثِّرًا فِي الْقِيمَةِ، وَفِي كَوْنِهِ أَيْضًا قَبْلَ أَمَدِ التَّبَايُعِ أَوْ بَعْدَهُ؛ فَإِنَّه إن لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَه، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ بِالْمَبِيعِ لَمْ يَجِبْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى الْبَائِعِ (٢)).

هذا في مذهب مالك رَحَمِهُ الله، وقد سبق ذكر أقوال المذاهب الأخرى.


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (٤/ ١٩٣) حيث قال: "فإن كان مما لا يعلمه إلا أهل العلم به كالأمراض والعلل التي تحدث بالناس مما لا يعرفها ويعرف أحوالها، وقدر الغور فيها، والاستضرار بها، وتمييز ما جرت العادة بسرعة البرء منها، وما جرت العادة بتقرر ذلك، أو غيرها - فيها مما ينفرد الأطباء بمعرفته، فإنه لا يقبل فيها إلا أقوال أهل المعرفة بذلك، فإن كانوا من أهل العدل فهو أتم، وإن لم يوجد من يعرف ذلك من أهل العدل قبل في ذلك قول غيرهم وإن كانوا على غير الإسلام؛ لأن طريق هذا الخبر لما ينفردون بعلمه … ".
(٢) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٧١٤) حيث قال: "إذا ادعى المبتاع عيبًا بالبيع وأنكر البائع، كلف المبتاع البينة عليه من أهل البصر به، فإن شهدوا أنه عيب قديم قبل التبايع ينقص من الثمن رده، والعيوب ثلاثة أقسام: عيب يحدث بالمبيع بعد البيع ولا يمكن أن يكون قبل أمر البيع، فهذا لا قيام فيه للمبتاع، ومصيبته منه؛ لأنه حدث عنده، وعيب قديم قبل أمر التبايع لا يمكن أن يحدث مثله بعد البيع، فهذا للمشتري أن يرد به إن شاء أو يمسك، وعيب يمكن أن يكون مثله قديمًا عند البائع ولمكن أن يحدث عند المبتاع، فإن كان ذلك كلف المشتري البينة على أنه كان ذلك العيب عند البائع وأنه بالمبيع في مدة أقدم من أمد البيع، يشهد بذلك أهل المعرفة إن شهد له بذلك عدول من أهل البصر بعيب تلك السلعة، وكان ذلك العيب ينقص من الثمن ردها، حيوانًا كانت السلعة أو ما كانت، وكذلك لو أقر له البائع ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>